لكي لا ننسى.. مغاربة قاوموا النازية في هولندا

لكي لا ننسى.. مغاربة قاوموا النازية في هولندا

في صيف 1943 شارك المغاربة وببسالة في التحالف لمقاومة النازية الألمانية، وتحديدا في زيلاند بفليسنغن بهولندا إلى جانب القوات الفرنسية، الإنجليزية والأمريكية. وقد ساهموا في تحرير الميناء بعد معارك بطولية استشهد على إثرها 19 مغربي، كما اعتقل آخرون و تم اقتيادهم كأسرى حرب إلى ألمانيا للقيام بالأعمال الشاقة، وإعادة بناء Atlantikwall Wall الذي كان النازيون يتخذونه كخط لمواجهة جيوش التحالف.  

وتقول الروايات الأرشيفية، إن الهولنديون اندهشوا لتواجد جنود بجلباب ونعال في ظروف مناخية قاسية، أتوا للدفاع عنهم ضد المحتل النازي. واعترافا بتضحيات المغاربة، كان القرويون آنذاك يسلمونهم وجبات غذائية وكان المغاربة بالمقابل يمنحوننا غذاءا من صنع تقليدي مغربي أصيل.

وفي هذا السياق، كتب محمد  أشهبون، الباحث المغربي بهولندا، على أنه في الوقت الذي أعلنت فيه هولندا استسلامها أمام الزحف النازي الذي كان يقوده أدولف هتلر في مايو 1949، كان الجنود المغاربة يقاومون بشراسة في زايلاند. وهو بذلك، حاول الحفاظ  على الذاكرة، وإعادة الاعتبار لهؤلاء الجنود الذين قدموا من قرى ومدن المغرب لمقاومة المحتل الألماني، خاصة وأن الإعلام الهولندي بصيغة المفرد والجمع ام يولي أهمية تذكر لحلقة من أهم حلقات المقاومة الدولية في مقاومة النازية بهولندا. حتى أنه أقام لهم تكريما في بداية الثمانينات من خلال تنظيم قافلة للجنود المغاربة الذين سقطوا في المعارك البطولية، إذ توجهت الحافلة إلى المقبرة التي دفنوا فيه.

وكان من أبرز المشاهد المؤثرة في مقبرة Zeeuwse Kapelle بمدينة Goes، أن حالة الإغماء التي انتابت سيدة حضرت للترحم على شهداء الحرب العالمية الثانية، وذلك من شدة السعادة التي كانت تغمرها بقدوم الوفد المغربي الذي وصل إلى عين المكان محملا بالورود، ومتسلحا بالفاتحة التي قرئت على مغاربة ماتوا دفاعا عن هولندا التي دمرها الألمان.

وفي مقابلة لمحمد أشهبون جريدة Trouw، قال بأن الهدف من تنظيم القافلة وكذلك اللقاءات المتعددة في هولندا وخارجها "هو الحفاظ عن ذاكرة أجداد لنا شاركوا في حرب مدمرة لإنقاذ الإنسانية، وفي نفس الوقت  من أجل تكريم جنود مغاربة سقطوا دفاعا عن بلد يقيم فيه حاليا مغاربة، مطالبون هم أيضا بمعرفة تاريخ مواطنيهم وبطولاتهم، شاركوا في الحرب العالمية الثانية لغاية تحريرهولندا، البلد الذي يقطنه أكثر من 400 ألف هولندي من أصل مغربي، مدعوون جميعا إلى  الحفاظ على الذاكرة، ومعرفة أن تواجدهم بهولندا ليس بغريب، كما يدعي المتطرفون وأذنابهم في المجتمع الهولندي. بل هناك من المصادر التاريخية المؤكدة ما تقول بأن المغاربة و الهولنديون شاركوا معا فيما يعرف بحرب الثمانين عاما ضد الإسبان.

ويذكر بأن هناك العديد من الجمعيات والمؤسسات تأسست في هولندا للحفاظ على الذاكرة، ولتكريم للجنود الذين شاركوا في المعارك ضد النازية. بحيث تشير الأرقام إلى أن عدد الجنود وصل إلى 110 ألف من مغاربة، جزائريون وتونسيون، سقط منهم 70 ألف. وكثير منهم دفنوا "مجهولون". فيما تبقى المقبرة الوحيدة في Goes شاهدة على أسماء مغاربة رووا بدمائهم الطاهرة الأراضي المنخفضة. 

لقد حان الوقت أن تعمل هولندا على إقامة تمثال لهؤلاء المقاومين الذين ضحوا بدمائهم دفاعا عن البلاد.