مهما كانت واقعية الشهادات التي تعتبر جبهة البوليساريو، تنظيما غير ديمقراطي، ويسعى أعضاؤه للإثراء غير المشروع على حساب الصحراويين، فإن الشهادات التي تكون من قلب الحبهة أكثر صدقا، من باب وشهد شاهد من أهلها..
في هذا الصدد عبر الحاج أحمد، المكلف بأمريكا اللاتينية في جبهة البوليساريو، عن عدم الرضى عن سوء إدارة السياسة الخارجية للجبهة، وقال: "من غير المعقول تسجيل بعض الانتكسات الدبلوماسية في بعض البلدان التي بذلنا مجهودات كبيرة من اجل ضمان اعترافها بالدولة الصحراوية، ولم نبذل المجهود الكافي من أجل استعادة تلك العلاقات، أو على الأقل وضع حد لمسلسل التراجع الدبلوماسي"، وعزا الحاج أحمد في مقال صحفي نشرته موقع "المستقبل الصحراوي"، سبب هذا التراجع إلى "الاعتماد على المعايير القبلية بدل الكفاءات في اختيار السفراء والممثلين، وهذا هو عامل الضعف الرئيسي في معركتنا على الصعيد الخارجي.. ولا يستطيع أحد أن ينكر اليوم أن الصفقة القبلية التي تعتبر مصدر كل الكوارث والعيوب هي في نفس الوقت القاعدة التي تتحكم في نظامنا السياسي، وأصبحت منبعا أساسيا لشرعيته وبقائه، و هو ما يضمن لبعض القادة الذين يجسدون التمثيل القبلي مناصب دائمة في هرم السلطة، وحسب أصحاب هذه العقليات فإن قيمة الشخص وبدلا من أن تحددها سيرته وأعماله لصالح القضية أصبحت تلك القيمة تقاس بحجم قربه من الدوائر القبلية التي ينتمي اليها، وكأننا في مجتمع بدائي، إنه لواقع محزن ومؤسف، وبعيد كل البعد عن الصورة الجميلة والوهمية التي نسوغها في خطابنا للعالم".
واسترجع ممثل الجبهة في أمريكا اللاتينية، "خلافات وتناقضات أخرى مع بعض من رموز السلطة في الجبهة، وتحديدا في موضوع تسيير المشاريع الإنسانية والتعاون، كل هذه الاختلافات في الرأي و في التسيير تم حلها بطريقة استعجالية من خلال إقصاء و ابعاد المتسبب في هذه الوضعية غير المريحة لتلك الرموز.
ومن الواضح أن الخلفية الشمولية والعقلية المتعصبة الموروثة من الماضي هي التي لازالت تتحكم في تقييم أو محاكمة أي سلوك فردي، وبالتالي، فمن السهل على أصحاب هذه العقليات عزل واضطهاد أي أفكار جديدة و مبادرات مختلفة تهدف إلى النهوض بالعمل بدل اندماجها واستغلالها الايجابي، والمفارقة هي أن الإجراءات العقابية لا تسلط على القضايا الجوهرية التي تمس بصورة القضية الوطنية، مثل الفساد وسوء إدارة الأموال والمساعدات الإنسانية والمحسوبية أو التآمر مع العدو، لأن هذه ليست أخطاء كبيرة بالنسبة للنظام، فالأخطاء الجسيمة بالنسبة له تكمن في نقد و مخالفة آراء المسؤولين ونعتهم بعدم المصداقية والشفافية".
وانتقد الحاج أحمد تنظيم البوليساريو معتبرا إياه "النموذج المتخلف، وهو السبب الرئيس في كل مظاهر الفوضى والشلل الذي أصاب المؤسسات الوطنية والتشكيك في مصداقية القيادة السياسية في محاربة الاتجار والتهريب والفساد وسوء التعامل مع المساعدات الانسانية، ومراكمة الثروات بطريقة غير مشروعة والإفلات من العقاب، وانعدام الأمن"..