تعرض الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم في السويد لهزيمة ”كارثية” في آخر استطلاع للرأي نشرته صحيفة افتونبلادت قبل أيام أظهرت نتيجته تقدما كبيرا لحزب ”السويد الديمقراطي” المعارض لسياسات الحكومة في ملف الهجرة والذي يدعو لحل مشاكل اللجوء في أماكنها خارج دول الاتحاد الأوروبي لوقف موجات اللجوء التي ازدادت حدتها على السويد وأوروبا بشكل عام .
نتائج الاستطلاع أشارت إلى أن نسبة التراجع في تأييد الحزب الحاكم ”الاشتراكي الديمقراطي” كانت كبيرة وغير متوقعة على الإطلاق ووصلت إلى 8.2 في المائة.
حسب الاستطلاع الذي أُجرى خلال شهر دجنبر الجاري، حصل الحزب "الديمقراطي الاشتراكي" على شعبية بلغت 24.7 في المائة، متراجعاً بذلك بمقدار 2 في المائة، فيما حقق حزب البيئة 5.3 في المائة، متراجعاً هو الآخر بمقدار 1.5٪.
وفي الجانب الآخر عزز حزب اليسار من شعبيته لتصل إلى 7.3 بالمائة.
المعهد الذي أجرى الاستطلاع كشف عن، تراجع كبير في شعبية أحزاب الحكومة السويدية، وهما الديمقراطي الاشتراكي والبيئة أهم الأحزاب الداعمة للبوليساريو، فيما حقق حزب اليسار الداعم أيضا للبوليساريو تقدماً نسبيا.
منذ عام 1991 لم يتعرض الحزب الاشتراكي الديمقراطي لهذه الانتكاسة وهذا جاء نتيجة حتمية لازمة اللاجئين التي يدور سجال حولها في المجتمع السويدي مما دفع عدد لا بأس به من المواطنين السويديين للتصويت لصالح حزب ”السويد الديمقراطي” المعارض للحكومة في قضية اللجوء والهجرة ليحصل علي نسبة 9.18 في المائة وهي أفضل نتيجة يحققها الحزب ما يعني أن شعبيته تتصاعد يوما بعد يوم .
يعتبر الحزب "الاشتراكي الديمقراطي" أحد أكبر الأحزاب في السويد وحكمها على مدار عقود وخلفيته يسارية اشتراكية ويعتبر أكبر الأحزاب السويدية الداعمة لحركات التحرر في العالم، ومنها العالم العربي، فالحزب يقف إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وحدثت بينه وبين إسرائيل مواجهات عديدة، إلا أنه ينظر إلى مشكلة الصحراء بمنظور مختلف ما حدى بالكاتب السويدي وعضو الحزب والذي يعتبر من التيار اليميني فيه ”يوهان فيسترهولم” كتابة مقالا نشر على موقع ليدر سيدورنا "افتتاحيات الصحف" قال فيه: عندما ينعقد المؤتمر الرابع عشر للبوليساريو قريبا سوف يكون من المتحدثين به فيليب بوستروم رئيس ”SSU” وهي منظمة الشبيبة التابعة للحزب الاشتراكي الديمقراطي.
الكاتب يقول: ”مسألة تمثيل البوليساريو للصحراويين مسألة فيها نظر، وذلك لان قيادة البوليساريو منتخبة من الصحراويين الذين يعيشون في ”تندوف" بالجزائر وهؤلاء لا يزيد عدد الناخبين فيهم عن عشرة آلاف صوت، بينما الغالبية العظمي من الصحراويين والذين يزيد عدد الناخبين بينهم عن 200 ألف انتخبوا قيادة أخرى.. وهذا يطرح كثيرا من الأسئلة حول مدى فهم الحزب الاشتراكي الديمقراطي السويدي لمسائل الانتخاب والديمقراطية، خصوصا إذا وضعنا في الحسبان أن البوليساريو، حسب مصادر الامم المتحدة، غارقة بالفساد إلى أذنيها فهي تبيع المساعدات التي تتلقاها من الاتحاد الأوروبي وفوق ذلك تجر إلى خزينتها كثير من الارباح من خلال تجارة الرقيق".
ويضيف: ”ومما يزيد الأمر إثارة للعجب هو أن السيد بوستروم سوف يكون ضيفا على مؤتمر البوليساريو بصحبة الوزير الجزائري ”طيب الزيتوني” ومن المعلوم أن الجزائر هي الدولة الإسلامية الوحيدة التي رفضت الانضمام إلى الحلف الذي أنشأته الدول الإسلامية السنية مؤخرا بزعامة السعودية".
كما أشار الكاتب إلى شبيبة الديمقراطي الاشتراكي ومنظمة اماوس من أكثر الداعمين للمطالب الانفصالية لجبهة البوليساريو .
هذا السجال نشر على الملأ بعد أن كتب "يوهان ويسترهولم " مقاله، وهذا دليل على أن الحزب "الاشتراكي الديمقراطي" عريض جدا وبه تيارات عدة حاله كحال الأحزاب الاخرى.. ففي حين يرى التيار اليميني بالحزب كالذي عبر عنه الكاتب بضرورة إجراء دراسات معمقة حول الصحراء والبوليساريو في جوانب الفساد واجراء تعداد سكاني لسكان مخيمات تندوف بالإضافة إلى انتشار الإرهاب في ليبيا ما سينعكس سلبا على أوروبا في حالة حدوث نزاع جديد في شمال إفريقيا ودول الساحل.
هناك سجال يدور في أوساط الحزب حول مشكلة الصحراء في ظل ظروف ملتهبة يعيشها العالم خصوصا بعد موجة الإرهاب التي طالت أوروبا، وهذه الامور كفيلة بإعادة نظر الحزب في هذا الصراع من خلال دراسة استراتيجية جديدة تأخذ في حسبانها مخاطر خلق دائرة صراع جديدة في إفريقيا لاسيما وأن السويد الذي يدير حكومتها الحزب الاشتراكي الديمقراطي تواجه أزمة كبيرة في تدفق المهاجرين إليها ما حدا بمناصريه للتحول إلى تأييد الأحزاب المعارضة للحكومة الاشتراكية في ملف الهجرة، والذي أدى بدوره إلى تحديات داخلية جديدة تواجه الحزب.. سينعكس حتما جميع ذلك على ملف الصحراء والمغرب وملفات كثيرة جدا تتعلق بالسياسات الخارجية للأحزاب السويدية ومصالح السويد كدولة .