شهدت الأيام القليلة الماضية موجة غضب عارمة اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي إثر مقال نُشر في مجلة الشراع اللبنانية بعنوان “ما لا تعرفونه عن سفيرة لبنان إلى النجوم… فيروز عدوة الناس وعاشقة المال والويسكي”، الذي كتبه الصحفي حسن صبرا.
رد فعل غائب
لكن الغريب في الموضوع هو الصمت المريب الذي ساد الساحة الفنية، حيث لم يهب معظم الفنانين الكبار للدفاع عن “جارة القمر” وصاحبة الصوت الملائكي فيروز.
ولم يتجاوز عدد الذين دافعوا عن فيروز أصابع اليد الواحدة، وكان أبرزهم الفنانة اللبنانية إليسا، التي استنكرت الحملة الممنهجة ضد السيدة فيروز، ودافعت عنها عبر صفحتها على الفيسبوك قائلة:” فيروز ليست مجرد رمز بسيط، هي هوية، ثقافة، أمة، ومن يجرؤ على إهانتها فإنه يهيننا جميعا”.
أما الإعلامي اللبناني نيشان، فأطلق تغريدة على التويتر يقول فيها:” مهما احتكّت مجاديف ذاك الشراع، لا يمكنها التجديف على روح قلب لبنان”.
كما كتبت الإعلامية اللبنانية ريما نجيم على صفحة الفيسبوك الخاصة بها كلمات مؤثرة، قالت فيها:” وان تحدّث الصغار عن الكبار بأحقر الكلمات واستنبطوا كل الأحقاد لن يعلوا قدماً واحدة.. يبقى الصغار صغاراً … الكبار كبار!” وأضافت: “لدى البعض قدرات هائلة على بث السموم والمزاعم واستعمال الأحرف لخياطة أوسخ الأثواب … لن يلبس أثوابهم غيرهم !
لن اكتب فيك الشعر ولا النثر ولا الأبيات الجميلة فكلُك جمالاً يا فيروزتي ولن أضيف الى الجمال جمالاً! لا تنحني لِلَملمة ورقة واحدة سقطت من شجرة عَفِنة.”
أما الشاعر اللبناني زاهي وهبي، فكتب في جريدة الحياة “الصوت الذي غنى العواصم والمدن فجعلها أجمل وأرحب وأكثر حرية وأخوة… ظل بمثابة عاصمة للعشاق والمتعبين والحالمين ومدينة عائمة على أثير الغناء”.
استفتاء فوشيا
وكانت فوشيا قد قامت بإجراء استفتاء على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر“، لاستطلاع آراء الجمهور حول الكلام المشوه الذي قيل بحق فيروز، سفيرتنا إلى النجوم، فأكد عدد كبير منهم أنهم لا يصدقون ما نُشر، حيث أجاب 66 في المئة بـ”كلا”.
أين الرحابنة؟
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا لم يهب فنانو لبنان والعالم العربي للدفاع عن فيروز، سفيرتنا إلى النجوم، التي لطالما تغنوا بها، وبصوتها، مؤكدين بأنها ظاهرة لا تتكرر؟ كيف سمحوا بهذه الإهانة أن تمضي دون تدخل من جانبهم؟
والسؤال الأهم والأخطر: أين عائلة الرحباني من هذه الهجمة “المؤلمة”، التي تسعى إلى تحطيم صورة أيقونة الفن في الوطن العربي؟ لماذا لم يدافع زياد الرحباني أو أسامة أو إلياس الرحباني عن فيرزتهم التي أسهمت في صنع تاريخ وإرث الرحابنة على مدى 60 عاماً؟
من بين أفراد الرحابنة، لم تهب سوى ريما عاصي الرحباني، إبنة السيدة فيروز، حيث قامت بنشر بيان طويل على صفحتها الخاصة على الفيسبوك عقبت فيه على ما حصل بالقول: “كل إنسان كبير أوعظيم بأخلاقو وشخصيّتو ومواهبو ووطنيتو وعطاءاتو وإنجازاتو وتضحياتو، بيخِلق من حولو كميّة حسّاد بِ عقَد نقص ما بيعرفوا كيف يداووها إلا بمُخيّلة بتضاهي ببشاعتا ضعفُن وفشلُن، فَ بِيلفّقو أكاذيب وإفتراءات، ظنًّا منهن إنّو بهالطريقة بيحجّمو عظمتو وبيخفّفوا من حب الناس إلو”.
وختمت: ” كل عمرا الكلاب عم تنبح والقافلة عَمْ تَسيرْ.. وسارت هالقافلة بثبات ونُبل ورُقي وصَمت وترَفُّع لدرجة إنها صارت فوق فوق مطرح اللي بيوقف الزمان! لذا مهما كتروا وتنوّعوا الكلاب اللي عم يِنبَحوا ما عاد نباحن يطالْ.”
قد يقول قائل إن الوقت لم يمض بعد، ولعل أهل الفن لم يستوعبوا الصدمة. لكن هذا الصمت، في حال استمر، فيعني أحد شيئين: إما أن النجوم لا يريدون التدخل في هذه الأزمة، وهذه مصيبة، أو أن صمتهم وسكوتهم علامة الموافقة على ما قيل بشأن جارة القمر، وهذه مصيبة أعظم..