عرف اليوم الثاني من الندوة المقامة بمخيمات تندوف يوم 13 دجنبر، في إطار التحضير للمؤتمر 14 للبوليساريو، نقاشا حادا خصص لمحاكمة ما يسمى بـ "الديبلوماسية الصحراوية"، حيث أدانت بعض المداخلات الديبلوماسية الصحراوية من بعثات وسفارات، والتي تعيش في ما وصفته بـ "النوم في العسل"، إذ تمر عليها المناسبات مر الكرام وهي غافلة وفي استراحة مفتوحة الأجل أمام النزيف الحاصل في تجميد الاعترافات بـ "الدولة الصحراوية".. كما طالبت مداخلات أخرى محاربة الآثار النفسية والاجتماعية لظاهرة العبودية التي ما زالت تنخر جسد ما يسمى "الدولة الصحراوية الديمقراطية" المزعومة
وعرف النقاش حدته القصوى عندما تم توزيع، خلال الندوة المذكورة، في إصدار خاص لنشرة "3 مارس"، التي كشفت المأزق الحقيقي لقيادة البوليساريو، عبر مقال افتتاحي عنونته "القضية في مرمى نيران صديقة" عقب التصريحات الأخيرة لعمار سعيداني رئيس "الأفلان" أو جبهة التحرير الوطني، التي اعتبرها المقال أثارت تخوفات كبيرة لدى الكثير من الصحراويين لكونها صادرة عن حليف استراتيجي لرجل نافذ بالجزائر. وأكد أصحاب المقال بأن تصريحات سعيداني لم تفاجئهم لأنهم على اطلاع كبير لما هو أخطر من كلام سعيداني الذي ربما يبدو معلنا.. أما ما يوجد في الخفاء فهو أشد خطورة، وهو تحصيل حاصل لعدم الثقة في قيادة البوبيساريو.
وتساءل المقال: لماذا أوصلت بنا الأمور إلى هذه الدرجة؟ ليجيب بأنه انطلاقا من معرفة الوزن الحقيقي لسعيداني ونفوذه في مؤسسة القرار، وقربه من قصر المرادية، يتبين من أين حصل له هذا الضوء الأخضر لإطلاق هذه التصريحات التي لم يكترث بعواقبها، بل ولم يسبب أدنى حرج للمؤسسات الثلاث: الرئاسة والخارجية والعسكر.. وملامح الرجل توحي بثقة كبيرة في النفس، ويعي جيدا لما يقول، كما أن كلامه لمن لا يعلم يحمل قدرا كبيرا من الحقيقة. ويستطرد المقال موضحا بأن عدم الاطلاع على خبايا الأمور هو نتاج طبيعي لـ "ثقتنا العمياء في أفراد أطلقنا لهم العنان ليفعلوا ما يشاؤون دون حسيب أو رقيب".
وأضاف أصحاب المقال بأن كلام سعيداني تجسد لهم في شواهد سابقة، منها السؤال الذي كان قد وجهه الفريق قايد صالح إلى الرئيس محمد عبد العزيز عقب اختطاف بعض الأجانب سنة 2011 عن مسار التحقيقات في العملية، فأجابه "أن من يعرف أسرار البيت هو من أهله"، وهو ما يثبت تورط البوليساريو.ومنها مآل الأموال الطائلة التي خصصتها الجزائر الحليفة للعمل الخارجي التي ذهبت سدى وهو السؤال الذي طرحه البعض على الرئاسة في المؤتمر 13، فاستفزت حفيظة الرئيس بعبارته المشهورة "انتوما شكون؟"، إضافة إلى ملفات شائكة كالمخدرات والتحاق بعض الشباب بالمنظمات الإرهابية ومشاركتهم في عمليات داخل التراب الجزائري.. وكل هذه الشواهد، يختم المقال، لا تقل أهمية عن كلام سعيداني...