يشير محمد كرم، محامي بهيأة الدار البيضاء وأحد رفاق الشهيد عمر بنجلون، في هذا الحوار الذي خص به "أنفاس بريس"، إلى أن تنظيم ذكرى الراحل عمر بنجلون بمناسبة مرور 40 سنة على اغتياله، تختلف عن سابقاتها، على اعتبار أنها من تنظيم أفراد أسرته ورفاقه وأصدقائه. أي أن هذا النشاط غير تنظيمي، لا علاقة له بتنظيمات حزب الاتحاد الاشتراكي، فهي مبادرة لرفاق وأصدقاء وأسرة الشهيد بنجلون.. مضيفا أن هذا لا يعني أي تنصل من الانتماء الاتحادي للرفيق بنجلون، لكن قضية اغتياله وتداعياته تهم جميع السياسيين في البلاد...
+ يوم 18 دجنبر تحل ذكرى الراحل عمر بنجلون، هل هناك طابع خاص لهذه الذكرى بمناسبة مرور 40 سنة على اغتياله؟
- اعتاد المتتبعون لقضية اغتيال الرفيق عمر بنجلون، على أن تمر الذكرى بصورة شبه عادية، إصدار حزب الاتحاد الاشتراكي لبلاغ مقتضب تتم فيه الدعوة للوقوف على قبر الراحل بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء، ويأتي من يأتي ويتغيب من يتغيب، وتخصص صفحة أو صفحتين من الجريدة، للحديث عن حادثة الاغتيال، وينتهي يوم 18 دجنبر، بشكل خافت، حتى أن بعض الرفاق لا يولي أهمية لهذا الحادث، وتأثيره عل مسار الحزب والمشهد السياسي ببلادنا. هذه السنة، اجتمع بعض من أفراد أسرة الشهيد ورفاقه وأصدقائه، وقرروا أن يكون تخليد ذكرى مرور 40 سنة على اغتيال الرفيق عمر بنجلون بطابع خاص، بعيدا عن نمطية الذكريات السابقة، أولا لأن هذه الذكرى هي محورية في تاريخ مناضلي حزب الاتحاد الاشتراكي وباقي الشرفاء، ونريد أن تكون محطة 18 دجنبر هذه السنة، استحضارا لمناقب الرجل ونضاله وكفاحه، وأيضا استحضارا لإنسانيته. ثانيا نريد أن تكون هذه الذكرى، وفاء منا لإسهاماته الكثيرة في مختلف المجالات. ثالثا، نريد أن تكون الذكرى تذكيرا لهذه الأجيال، بقيمة هذا الرجل، مادام أنه لا مستقبل بدون ماضي ولا حاضر بدون ماضي. فلكي تبقى الذاكرة الجماعية حية، لابد من استحضار هذه الرموز الوطنية التي كانت لها إسهامات في صنع حاضرنا ومستقبلنا. فبلد بدون ذاكرة، لا حاضر له ولا مستقبل..
+ ما هو برنامج هذه الذكرى الأربعينية لاغتيال الشهيد بنجلون؟
- سيكون هناك نشاط مركزي بمركب عبد الرحيم بوعبيد بمدينة المحمدية، يوم 18 دجنبر الجاري، عبارة عن مداخلات لرفاق ومعارف الرفيق، يلامسون من خلالها مختلف معالم شخصية الرفيق عمر، سياسيا وفكريا واجتماعيا ونقابيا وكذا إنسانيا، فهو يظل مفكرا مبدعا في صياغة التقرير الإيديولوجي لحزب الاتحاد الاشتراكي، وتصوره للفكر الاشتراكي بمنهجية التحليل الماركسي بمراعاة الواقع المغربي، كما كان له دور كبير في خلخلة التنظيمات الموازية لحزب الاتحاد الاشتراكي، من خلال إصداره للمذكرة التنظيمية سنة 1965.. كما سنكشف يوم الذكرى عن إصدار مكتوب يضم عددا من الشهادات في حق الرجل، لسياسيين ومثقفين ومفكرين.. وإنجاز شريط وثائقي لحياة الرجل، إلى جانب سيرته مصورة..
+ الملاحظ هو احتضان مركب عبد الرحيم بوعبيد لهذه الذكرى الأربعينية، ما هي رمزية الراحلين بوعبيد وبنجلون؟
- فعلا، هي ملاحظة في محلها، ولا ننسى دور الرجلين في ترك إسهاماتهما في تاريخ الحزب والمشهد السياسي بالبلاد، وكيف أنهما كان يقدمان مصلحة البلاد على مصلحة الحزب، وهما ينتميان لمدرسة الأخلاق السياسية، وأولوية الوطن على الحزب، وكذا أهمية الاختيار الديمقراطي في تحديث البلاد.. لهذا استوحينا شعار الذكرى من هذه الأفكار والمبادئ، "الوطن والديمقراطية ضد الإرهاب"، مادام أن هناك راهنية لموضوع الإرهاب. والراحل عمر بنجلون كان أول ضحية في المغرب لعملية اغتيال باسم واستعمال الدين الإسلامي. طبعا حوكم المتورطون المباشرون، وبقي السؤال العريض، حول استمرار فتح هذا الملف باعتبار الحريمة ذات أبعاد سياسية. من هنا كان الربط بين الرمزين الوطنيين بوعبيد وبنجلون..
+ كما قلت فإن لموضوع الإرهاب راهنية ليس على الصعيد الوطني فقط، بل على الصعيد الدولي، كيف تتقاطع هذه الندوة الحزبية وحيثيات اغتيال الشهيد باستعمال خاطئ للدين، مع هذا الاستنفار الوطني والدولي لاجتثات كل منابع التطرف والإرهاب؟
- أولا لابد من توضيح هام، وهو أن هذا النشاط غير تنظيمي، أي لا علاقة له بتنظيمات حزب الاتحاد الاشتراكي، هي مبادرة لرفاق وأصدقاء وأسرة الشهيد بنجلون.. هذا لا يعني أي تنصل من الانتماء الاتحادي للرفيق بنجلون، لكن قضية اغتياله وتداعياته تهم جميع السياسيين في البلاد. لهذا حرصنا أن يكون الحضور ممثلا لكل الأطياف السياسية. أما مسألة التفاطع، فهذا هو الموضوع المحوري للندوة المقررة على خلفية الذكرى الأربعينية، وسنسلط فيها الضوء عبر مداخلة على الحركة الإسلامية وتاريخها في المغرب، حيث اخترنا شعار "الوطن والديمقراطية ضد الإرهاب"..
+ الملاحظ هو نزوع بعض القيادات الاتحادية إلى تخليد بعض المحطات الاتحادية من قبيل ذكرى اختطاف المهدي بنبركة، إلى تنازعها، حيث لكل نشاطه وجمهوره وفقراته، هل الأمر صحي، أم يجسد لهذا التشرذم الحاصل في صفوف حزب الاتحاد الاشتراكي؟
- أؤكد مرة أخرى أن هذه المبادرة لا علاقة لها بأي تنظيم مركزي أو موازي لحزب الاتحاد الاشتراكي، ولا لأي قائد حالي أو سابق للحزب، هي مبادرة محدودة لأصدقاء ورفاق وأسرة الشهيد بنجلون، ولا شيء يمنع أي جهة جماعية أو تنظيمية من تخليد هذه الذكرى الاربعينية، مادام أن فكر الراحل بنجلون، لم يكن فقط وطنيا بل أمميا. وعليه ليس هناك أي تنازع في الرموز الحزبية بين اليوسفي أو اليازغي أو لشكر أو الأشعري.. وعندما تحدثت عن كيفية تخليد الفعاليات السابقة لهذه الذكرى، فلا أقصد حصرا القيادة الحالية، بل القيادات السابقة، حتى أصبحت الذكرى تخلد بشكل روتيني، وأصبحت ذكرى اغتياله تمثل اغتيالا سنويا لهذا الرجل، وتم غبن حقه مدة 40 سنة، قلنا حرام، أن تخلد ذكرى اغتيال الشهيد بنجلون بهذه النمطية، لابد من تجديد في الوسائل والأهداف، ويبقى الباب مفتوحا لكل الاجتهادات التي تصب في استحضار رمزية رجل أعطى الكثير للحزب والوطن..
+ خلال تخليد اختطاف المهدي بنبركة مؤخرا، كانت هناك رسالة ملكية تتقاطع إلى حد كبير مع مطالب الاتحاديين في كشف مآل بنبركة، اليوم لا يختلف سياق اغتيال بنجلون عن القلق الذي يسببه التطرف باسم الدين، هل تنتظرون مبادرة ملكية مماثلة؟
- لا نطالب بشيء، ولا ننتظر شيئا. المبادرة الملكية المتمثلة في رسالة بمناسبة تخليد اختطاف المهدي بنبركة، لها سياق خاص ومختلف، فالمهدي كان له حضور وطني وإقليمي ودولي، وكان من أوائل الموقعين على وثيقة المطالبة بالاستقلال، باعتباره من أسس الحركة الوطنية، وكانت الرسالة الملكية تأخذ بكل هذه الأبعاد في شخصية المهدي بنبركة، وأضفت على تخليد ذكرى اختفائه خصوصية متميزة في النشاط الذي نظمه المجاهد الأخ عبد الرحمان اليوسفي. من جهته يبقى الشهيد بنجلون، شخصية وطنية أيضا، ونرحب بكل من يبحث في تاريخ الرجل وإبراز إسهاماته في الوطن.