مركز الإحصاء الدنماركي يثبت بأن المغاربة يأتون في المرتبة الثالثة بعد اللبنانيين من أصل فلسطيني والمنحدرين من يوغسلافيا سابقا. وإذا كانت الظروف التي يعيشها فلسطينيو الشتات من إحباط وتذمر بسبب استمرار الإنتهاكات الإسرائيلية لفلسطينيي الداخل وانسداد الأفق بسبب مواقف الدول الكبرى من الصراع في الشرق الأوسط، فإن المنحدرين من دول البلقان لازالوا لم يستفيقوا من ويلات الحرب والتقتيل الممنهج الذي تعرضوا له.
هي معاناة مشتركة خلفت أثرا بليغا في نفوسهم رغم أن المجتمع الدولي وقف بصفهم واستطاعوا تحقيق دولتهم المستقلة عن صربيا.
لكن ما أسباب تورط شباب مغاربة في الجريمة المنظمة بكل أصنافها؟، ومن يتحمل المسؤولية في انحراف نسبة كبيرة وفشلهم في الدراسة ثم في الحياة؟، مع الإشارة إلى أنه لا يمكن تعميم هذا الموقف على الجميع، لأن هناك نسبة نجحت في مسارها العلمي وتم استقطابها من طرف تيارات متطرفة تتبنى العنف، بل إن نسبة كبيرة من الكفاءات تم استقطابها من طرف حزب "التحرير"، وأصبحت تتحمل مسؤوليات في تدبير هذا التيار الإسلامي في الدنمارك، والذي عجزت الأحزاب اليمينية منعه ولازال يمارس أنشطته بطريقة قانونية.
الوضعية التي يعيشها الشباب المغربي المزداد في الدنمارك بين الإنحراف والفشل الدراسي والجريمة والإنخراط في التيارات المتطرفة أوحزب "التحرير" يدعونا لمطالبة الجهات المكلفة بتدبير الشأن الديني داخل المؤسسات الدينية المغربية في الدنمارك مراجعة برامجها ومخططاتها، لأن التقرير الصادر عن مركز الإحصاء الدنماركي يوضح بالملموس خطورة الأزمة، ويفرض هذه المراجعة لاسيما بعد التطورات التي عرفتها فرنسا وبلجيكا.
ثم علينا أن نكون أكثر جرأة وندعو كافة المؤسسات التي يعنيها تدبير الشأن الديني بالخارج أن تتحمل مسؤوليتها، لأن هناك مجلس إسكندنافي مغربي يتلقى دعما ماديا مهما من طرف الدولة المغربية، لكنه يتحمل مسؤولية في ارتفاع نسبة الجريمة وسط الشباب المغربي في الدنمارك، وكذا التطرّف الذي انغمس فيه جزء كبير من الشباب المغربي المزداد في الدنمارك.
إن المجلس بتشكيلته الحالية لن يحقق انتظارات وتطلعات مغاربة الدنمارك. فنحن في الوقت الراهن أحوج من أي وقت مضى إلى مشروع تشتغل عليه كفاءات، والضرورة تفرض إعادة هيكلته، لأن استمرار نفس الوجوه بنفس السياسة والإختيارات سيؤدي لا محالة للكارثة.