هل ستفترس "طوطال" و"شال" شركة "لارام" بعد أزمة "سامير"؟

هل ستفترس "طوطال" و"شال" شركة "لارام" بعد أزمة "سامير"؟

فاتح دجنبر 2015، ليس تاريخ تحرير سوق المحروقات فقط، بل هو التاريخ الذي قد يمثل بداية انهيار قطاع الملاحة الجوية بالمغرب، ما لم تتم اتخاذ الإجراءات الضرورية الاحترازية من طرف السلطات العمومية.

فقبل 1 دجنبر، كان قطاع المحروقات الخاص بمادة "الكيروزين" التي توجه للطائرات تخضع لسلطة التقنين من طرف الدولة حتى لا يتم افتراس "لارام" وباقي شركات النقل الجوي من طرف شركات التوزيع.

وحسب المعلومات التي توصلت إليها "أنفاس بريس"، فالتراب الوطني المغربي كان مقسما إلى شطرين: شطر الشمال، ويمتد من مطار محمد الخامس إلى الشمال، فيما يشمل القسم الثاني جنوب المملكة انطلاقا من مطار مراكش.

القسم الشمالي كانت تتولى كل من شركة "إفريقيا" و"أوليبيا" تزويد مطاراته بالكيروزين، فيما تتولى كل من شركة "طوطال" و"شال" تزويد المطارات الجنوبية.

المثير في الأمر أنه ما أن تم تحرير قطاع المحروقات حتى صعقت شركة "لارام" بأثمنة جد خيالية من طرف مزودي القسم الجنوبي. إذ لما هيأت "لارام" طلب عروض خاص بمطارات الجنوب قدمت "طوطال" و"شال" سعرا بزيادة 20 في المائة عن المألوف، علما أن أسعار النفط لم تعرف في السوق الدولي أي ارتفاع، بل بالعكس كان الثمن ينهار كل يوم في بورصات النفط العالمية، كما أن محطات اللوجستيك بالمغرب لم تشهد أي تغيير يبرر تلك القفزة الذهبية للأثمان المقدمة من طرف "طوطال" و"شال".

وإذا علمنا أن "لارام" هي أهم زبون في مادة "الكيروزين" بالمغرب، بحكم أن مقتنياتها ظلت تمثل ما بين 3 ملايير درهم و2,6 مليار درهم في السنة (حسب تقلبات السوق الدولي)، آنذاك نعي خطورة العرض الذي قدمته شركتي "طوطال" و"شال" بالنظر إلى أن الكلفة الخاصة بالكيروزين تلتهم حوالي 30 في المائة من كلفة الاستغلال للخطوط الملكية المغربية. أي أن رفع سعر الكيروزين بـ 20 في المائة بدون مبرر معناه أن كلفة الاستغلال عن "لارام" سترتفع هي الأخرى بـ 20 في المائة لتصل إلى النصف، وهو ما يعني التوقيع على شهادة وفاة شركة "لارام".

والخطير في الأمر أن التعامل الانتهازي الذي بدر عن "طوطال" و"شال" يعتبر افتراسا لخنق شركة سيادية مغربية من جهة، وإشهارا لميلاد عهد جديد عنوانه "الكانيباليزم الاقتصادي" من جهة أخرى. بدليل أن "لارام" التي تعد أهم زبون إذا كانت قد تعرضت للافتراس على يد طوطال وشال، فما بالنا بالشركات الأخرى الأقل حجما مثل: "رايان إير" و"إيزي جيت" و"إير أرابيا" وغيرها؟ ألا يعد ذلك قتلا رحيما للسياحة بالمغرب.

فالشركة الإيرلندية "رايان إير" تنقل للمغرب سنويا ما بين 1.6 مليون و2 مليون مسافر، وكل رفع للأسعار في الكيروزين معناه رفع الكلفة وبالتالي رفع ثمن التذاكر. ومن حسن حظ الفاعل المغربي في الملاحة الجوية "لارام" أن مطارات الشمال لا تشهد هذه الرجة بحكم أن المكتب الوطني للمطارات أبرم عام 2006 اتفاقية لتزويد مطارات الشمال (بما فيها الدار البيضاء) بالكيروزين لمدة 20 سنة من طرف شركتي "إفريقيا" و"أوليبيا"، وهو الاتفاق الذي تحترمه هاتين الشركتين، بل هناك اتفاق آخر سبق وأبرمته شركة "لارام" في عهد المدير محمد  برادة مع شركة "إفريقيا" عام 2002 سينتهي عام 2017، وفر الضمانة لتزويد المطارات الشمالية بالكروزين حيث تحرص "إفريقيا" على الوفاء بالتزاماتها بشكل جدي وبدون انتهاز أو اقتناص فرصة تحرير السوق.

الوضعية المتأزمة التي يعيشها قطاع الملاحة الجوية بالمغرب بالجنوب جعلت وزير الطاقة عبد القادر اعمارة -حسب مصادر انفاس بريس- يتدخل بقوة لحماية القطاع من الافتراس وأوقف عملية "الابتزاز" الذي تتعرض له "لارام"، في انتظار عرض الأمر برمته على الحكومة لاتخاذ ما تراه ملائما لحماية الاقتصاد الوطني وتطويق تداعيات أزمة "سامير".

هذه الأزمة لا تضرب فقط مصالح أجراء الشركة أو مصالح مدينة المحمدية، بل وتهدد المغرب بالسكتة القلبية، إن لم تسرع السلطات في الحسم في الموضوع، خاصة وأن مؤسسات عمومية ضخمة بدأت تكتوي بلهيب أزمة "سامير" مثل: المكتب الوطني للسكك الحديدية والمجمع الشريف للفوسفاط والمكتب الوطني للماء والكهرباء، وهي مؤسسات تعتمد كذلك على  قطاع المحروقات لتشغيل محركاتها.