قال حسن نحاس المتخصص في علم النفس السريري المقيم بفرنسا، إن أوروبا تعيش اليوم على وقع انزلاق في المفاهيم والدلالات، فالصفات تتغير بعد الأحداث والتطور السياسي والمجتمعي، هكذا – يضيف نحاس- تم الإنتقال من صفة مهاجر إلى صفة الأجنبي بدل الحديث فقط عن المسلمين.
وأوضح نحاس أن توظيف عبارة "مسلمي فرنسا" في فترة معينة تميزت بالأعمال الوحشية والإرهاب التي يقف خلفه أفراد يعتبرون أنفسهم مسلمين يتطلب التوضيح، لتجنب أي ارتباك مع ما يحمله من تداعيات على الحياة الإجتماعية، لأن هدف الإرهابيين – يضيف نحاس- هو زرع بذور التفرقة داخل المجتمعات وبين المجتمعات.
وأضاف في تصريح لـ" أنفاس بريس" أنه لا احد بإمكانه إنكار الصعوبات التي تعاني منها الضواحي الفرنسية، التي تعاني من التمييز في الولوج إلى السكن، وحيث لا وجود لأي حراك اجتماعي، والذي يعني بالمحصلة، فشل آلية الإدماج.
وأضاف المتخصص في علم النفس السريري أن المغرب لا ينتج فقط "الجهاديين المزيفين "، فالهجرة المغربية متنوعة ومركبة، فهي تتألف من مجموعات سوسيوثقافية مختلفة لها ممارسات مدنية ودينية مختلفة، موضحا أن هذه المجموعات لا يتم إبرازها، فهي لا تتمتع بأي إمكانية للتواصل بمواقعها.
وأشار أن هناك غالبية من الأطر الطبية، الجامعيين، الباحثين، المأجورين سواء في القطاع الخاص أو القطاع العام يعانون من هذا الوضع ولايعرفون كيف يمكن المشاركة في مبادرة بناءة والتحول إلى جسر بين الضفتين وبين الأجيال المستقبلية التي ازدادات أو ستزداد في التراب الفرنسي، مؤكدا أن خبرتهم وكذا تبادل القيم هي عناصر لا يمكن الإستغناء عنها.
وقال نحاس إن النقطة الجوهرية والتي تستلزم اهتماما خاصا هي "الثغرات الهوياتية" حسب قوله، مشيرا إلى أن التبسيط اللغوي يقود البعض إلى الحديث عن " الجهاديين المزيفين " وهم شبان ذوو سوابق إجرامية غير ممارسين تحولوا فجأة الى إسلاميين متطرفين، وأوضح لـ "أنفاس بريس" أن مسارات هؤلاء يجمعها قاسم مشترك يعتمد على الآلية النفسية ويقود إلى هذه الهزة، مشيرا إلى أن بعض هؤلاء الشبان يعانون من اضطرابات نفسية.
وأضاف أن " الثغرات الهوياتية " هي نتاج غياب تماهي مع شيء، فضاء أو رمز ثقافي. وعدم الإستقرار في كيان أو فضاء نفسي حسي، وعدم الإنتماء الى جماعة مرجعية، وغياب تبادل القيم والثقافات.
وأوضح لـ "أنفاس بريس" أن "الثغرات الهوياتية" تنتج أفراد دون باطن نفسي ومستعدين لتقبل "عرض لهوية سحرية شمولية، وقاتلة على وجه الخصوص"، موضحا أن الإنخراط في صفوف الحركات الجهادية يمكن هؤلاء الشبان من إيجاد مجموعة انتماء مطمئنة تمنحهم شعور مرضي وقاتل وهو الموت.
موضحا أن هذه الآليات تنتج الوقائع التي نعاينها اليوم والتي لا يمكن وضعها خارج سياق " الثغرات الهوياتية " والتي تعبر عن "الفشل في بناء الهوية"، علما أن الهوية هي نتاج تفاعل بين الطفل ووالديه، والتي تتقوى عبر تفاعل الطفل مع المحيط الإجتماعي مما يمكنه من الإندماج في الوسط الإجتماعي.