أوربا تلقي بظلالها على قطاع الصحافة بالمغرب، والخلفي يعبر عن استغرابه من موقف فيدرالية الناشرين

أوربا تلقي بظلالها على قطاع الصحافة بالمغرب، والخلفي يعبر عن استغرابه من موقف فيدرالية الناشرين

شدد مصطفى الخلفي، وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة، على ما اعتبره "مقاربة تشاركية" في وضع مشاريع القوانين المتعلقة بقطاع الصحافة، المتمثلة في قوانين الصحافة والنشر والمجلس الوطني للصحافة والنظام الأساسي للصحافيين المهنيين، وأضاف الوزير ضمن مناقشات اللجنة البرلمانية المتخصصة، التي انعقدت هذا اليوم، الأربعاء 25 نونبر الجاري، أن الفيدرالية المغربية لناشري الصحف في شخص رئيسها يوم 16 نونبر الجاري طالبت مهلة واقترحت أسبوعين، تم قبولها من أجل تقديم الملاحظات على قانون الصحافة والنشر في جزئه الثالث، "وتم الاتفاق على ذلك، بحيث لا يمكن أن نتقدم في هذا المشروع بدون حوار وهو ما تجلى في العدد الكبير من المذكرات المقدمة". وعبر الوزير عن استغرابه من موقف الفيدرالية كما تضمنه البلاغ الأخير الصادر يوم الإثنين الماضي، حيث عبرت فيه عن "رفضها القاطع للتراجعات التي جاءت في مشروع قانون الصحافة والنشر، الذي قدمه وزير الاتصال مصطفى الخلفي أمام لجنة التعليم والثقافة والاتصال، بداية الأسبوع الماضي، والذي أثار جدلا كبيرا لدى المهنيين"، معتبرة أن "مشاريع إصلاح مدونة الصحافة كانت مخيبة لآمال الناشرين".

وبين الوزير ما يعتبره تناقضا في مواقف الفيدرالية بالقول "لقد توصلت قبل أسبوعين بمراسلة من الفيدرالية، بخصوص النظام الأساسي للصحفي المهني وقانون المجلس الوطني للصحافة جاء فيها: "إن الملاحظة العامة هي أن النصين عكسا عموما نتائج المفاوضات الطويلة التي جمعت وزارة الاتصال بالفدرالية المغربية لنشاري الصحف مع تسجيل ملاحظات حول الدقة أو الغموض أو التوازن"، وهي الملاحظات التي عبرت الأسبوع الماضي في مجلس النواب على أنها إيجابية"، فما الذي تغير خلال الفترة الأخيرة؟ يتساءل الوزير، مضيفا، "إننا إزاء مقاربة تشاركية مبنية على الحوار مع الجميع ولن نرتهن لأي أحد أغلق على نفسه باب الحوار بل إن يدنا مفتوحة فهذه قضية وطنية تهم الحقوق والحريات".

وكشف وزير الاتصال، أن المشاريع المطروحة لقانون الصحافة والنشر، تمت "بمرجعية وطنية ومنفتحة بحيث تم الإقتباس من التجارب الدولية، ففي قضية العلاقة بين القانون الجنائي وقضايا الصحافة تم الرجوع إلى التجربة الإسبانية فيما يتعلق بالثوابت الدستورية، وقضايا القذف من التجربة البريطانية، وقضايا سرية المصادر من النموذج البلجيكي، وقضايا التعويض في القذف من النموذج الفرنسي، وقضايا المجالس الوطنية للصحافة من التجربة الهولاندية وغيرها، وذلك لأن هذا المشروع مشروع مستقبلي يهم مجال حيوي لضمان حق المواطن في المعلومة والحق في التعبير التعددي لتيارات الرأي والفكر والحق في الرقابة على الفاعلين، وهو حق ديمقراطي لكل مواطن ليحدد اختياراته الانتخابية..".

وكان بلاغ الفيدرالية قد عدد "تراجعات مشروع مدونة الصحافة الجديدة، في استحداث عقوبات خطيرة مثل السحب النهائي لبطاقة الصحافة وإمكانية المنع من مزاولة المهنة لمدة تصل إلى عشر سنوات والمنع من الحقوق المدنية والسياسية وحتى العائلية، وإمكانية منع الصحف قبل بداية محاكمتها، ومحاولة تحويل المجلس الوطني للصحافة إلى جهاز لمضاعفة العقوبات القضائية، وإدخال الصحافة الورقية والإلكترونية بالاسم لأول مرة في تاريخ المغرب إلى القانون الجنائي، مع اعتبار بعض جنح الصحافة جرائم حق عامة.."

ومن التراجعات أيضا التي أوردتها فيدرالية الناشرين، تضمين مدونة الصحافة الجديدة  تعريف القذف لمبدأ حسن النيَّة وأدلجة المنع في مضامين الإشهار والمس باستقلالية المجلس الوطني للصحافة بالتنصيص على حضور ممثل الحكومة لاجتماعاته.

وقال البلاغ أن هذه التراجعات تجعل ناشري الصحف المغاربة يقررون الوقوف أمام مشروع هذه المدونة بكل الوسائل الممكنة، خصوصا وأنه تم الإقدام على إدخال مدونة الصحافة إلى المسطرة التشريعية قبل الاتفاق مع المهنيين كما نص على ذلك الخطاب الملكي لسنة 2002، وهو ما يخالف ادعاءات المقاربة التشاركية ويضع بين قوسين نيَّة الإصلاح الحقيقي المنسجمة مع روح دستور 2011 ومع المعايير الدولية في مجال حرية الصحافة والتنظيم الذاتي للمهنة ومع روح العصر، على حد تعبيره.

وفي سياق متصل عبرت فيدرالية الناشرين، في جمعها العام المنعقد يوم الجمعة الماضي عن "قلقها إزاء الصعوبات المتزايدة أمام قطاع الإعلام المكتوب والورقي بالمغرب، ومنها انخفاض حصة الصحافة الورقية والإلكترونية من مجموع رقم معاملات الإشهار في المغرب من 23 إلى 17 في المائة، وانخفاض مبيعات الصحف بسبب انتشار ظاهرة القراءة المجانية وبسبب الأزمة العالمية أيضا، واستهداف النموذج الاقتصادي للصحافة الإلكترونية بسبب كثرة المتدخلين في الإشهار الموجه لها وارتفاع العمولة إلى 30 في المائة والضعف الشديد لأثمنة هذا الإشهار على الحامل الإلكتروني والالتجاء إلى الإعلان عن طريق الشركات العالمية العملاقة مثل "غوغل"، مما يجعل اليوم وظيفة الصحافة داخل المجتمع مهددة وليس حاملا من حواملها فقط".

وفي مقابل ذلك ثمنت الفيدرالية المغربية لناشري الصحف في بلاغها المجهودات المبذولة بخصوص الدعم العمومي للصحف، وقالت في بلاغها أن "الأساس الذي يمكن أن تبنى عليه صحافة قوية ومسؤولة ومستقلة هو صحة المقاولة الاقتصادية الذاتية، وهذا هو الذي يمكن أن ينعكس على وظيفتها وعلى مواردها البشرية".