سنابرق زاهدي:من المسؤول عن مجازر باريس؟

سنابرق زاهدي:من المسؤول عن مجازر باريس؟

ما حدث مساء يوم الجمعة 13 نوفمبر في باريس من جرائم مروّعة ومجازر وقتل وإرهاب هزّت ضمير العالم وأحدثت صدمة للضمائر البشرية الحية. الشعوب والحكومات أدانت هذا الإرهاب الأعمى وقتل الناس الأبرياء. باريس عاصمة النور و أول مدينة في العالم في اجتذاب السياح من مختلف أقطار المعمورة، أرض اللجوء العالمية، بلد الثورة الكبرى وشعاراته الخالدة الحرية والمساواة والأخوة. فاستهداف هذا البلد ليس بأمر هيّن.
قبل كل شيئ يجب الإعراب عن المؤاساة وتقديم التعزية لأبناء الشعب الفرنسي وخاصة لعوائل الضحايا، كما يجب علينا أن نقول لهم ما عبّرت عنه السيدةمريم رجوي بأننا بصفتنا مسلمين ندين هذه الجرائم بكل قوة ونعلن «أن التطرف باسم الإسلام، سواء تحت راية الشيعة وولاية الفقيه أو تحت راية السنة و داعش وجرائمهم اللاإنسانية لا علاقة لها بالإسلام لا من قريب ولا من بعيد، وإن هذه الظاهرة الشريرة أينما كانت هي عدو السلام والإنسانية.»

لكن يجب المراجعة من جديد عن المسؤولين لهذه الجرائم. لاشك من قام باطلاق النار الشعوائي وفجّر نفسه بين المواطنين الفرنسين العزّل هو المسؤول المباشر، كما لاشك أن سلسلة القادة الذين خطّطوا ونظّموا وأرسلوا هؤلاء الناس لتنفيذ هذه الجرائم أيضاً مسؤولون عما حدث.

وإذا أردنا أن نضع النقاط على الحروف فيمكننا أن نقول بأن بشار الأسد هو المسؤول عن هذه الجريمة، لأنه هو الذي مهّد الأرضية لتنامي وتعاظم داعش بارتكابه مجازر رهيبة بحق مئات الآلاف من السوريين وتشريد ملايين منهم. وبعد ذلك مباشرة نصل إلى نظام ولاية الفقيه الحاكم في إيران لأن هذا النظام كان ولايزال سبب بقاء بشار الأسد في الحكم بتأييده ودعمه له في مختلف المجالات.

كما أن حكومة المالكي المؤيد من قبل خامنئي ونظام ولاية الفقيه استطاع من خلال جرائمه المروّعة بحق أبناء الشعب العراقي أين يجعل من العراق أرضاً خصبة لداعش. فالمالكي وخامنئي أيضاً مسؤولان عن الجرائم الرهيبة التي هزّت فرنسا والعالم.

كما أن روحاني رئيس جمهورية نظام الملالي هو الآخر قد أكد قبل الهجوم الارهابي بيوم واحد وخلال مقابلة مع القناة الثانية للتلفزيون الفرنسي على دعمه للديكتاتور السوري الدموي بشار الأسد وشدد على ضرورة تعزيزه. وقبل ذلك أيضاً أعلن على منبر الأمم المتحدة وصرّح 'مثلما ساعدنا في إرساء الديمقراطية في العراق وأفغانستان نحن مستعدون للمساعدة في تحقيق الديمقراطية في سوريا وايضا اليمن.'

في هذا التحليل لم نتحدث عن المعلومات وعن العلاقات بين جماعة داعش والمخابرات السورية أو حكومة المالكي وكذلك وجود المؤسس الأول لهذا التنظيم ابومصعب الزرقاوي في طهران وما شابهه من معلومات شبه مؤكدة.

منطق النظام الإيراني وداعش

داعش يقول إن عناصره قاموا بارتكاب هذه الجريمة ضد الناس الأبرياء في باريس بسبب تدخل فرنسا في سوريا ومشاركتها في الإئتلاف. ويا ترى أن نظام الملالي أيضاً يقول الكلام نفسه كما أن بشار المجرم أيضاً كرّر هذا الموقف. وهذا التشابه في الموقف يشير إلى وحدة الصف.

ولا أريد أن أنقل تصريحات قادة الحرس من أمثال عميد الحرس «مسعود جزائري» مساعد هيئة الأركان للقوات المسلحة في نظام الملالي حيث قال: «الفرنسيون دفعوا ثمن دعم حكومتهم لداعش والارهاب» وأضاف: «منذ الشهور الأولى للأعمال الارهابية في سوريا وسائر الدول المجاورة اننا وجهنا تنبيهات مكررة للمجتمع الاوربي بأن الارهاب سيعود إليهم أيضا». كما أن وكالة أنباء قوات القدس «تسنيم» نشرت كاريكاتيرا سخيفا تحت عنوان «الارهاب الذي هم صنعوه بأنفسهم » وكتبت أن رأس خيوط داعش بيد فرنسا ورئيسها.

مستشار روحاني إرهابي بامتياز


أريد أن أتوقف قليلا على شخص اسمه حميد أبوطالبي وهو المستشار السياسي لروحاني والسفير السابق لنظام الملالي في فرنسا وايطاليا واستراليا و... إنه وصف الجريمة الارهابية في باريس «أمرا غير قابل للتجنب»!! و«نتيجة الاجراءات العمياء والمستدامة للغرب لدعم الارهاب... وعدم التنبه بتحذيرات ايران طيلة السنوات الأخيرة».

في هذا الشخص وعتبه على إرهاب فرنسا يمكننا أن نعرف جانباً من طبيعة نظام ولاية الفقيه، حيث أن هذا الشخص الذي يتحدث عن «الإرهاب الفرنسي» هو إرهابي بامتياز.

حميد ابوطالبي التحق إبّان الثورة الإيرانية عام 1979 بصفوف قوات الحرس، وعمل بشكل خاص في استخبارات الحرس ومن هناك التحق بركب وزارة الخارجية. كما أنه كان ضمن «طلاب خط الإمام» الذين اقتحموا السفارة الأميركية واحتجزوا دبلوماسيين أميركيين رهائن لمدة 444. وكان هذا هو السبب وراء الضجة الدبلوماسية السياسية الإعلامية الواسعة التي أثيرت في الولايات المتحدة لعدم اعطاء هذا الرجل تأشيرة دخول أميركا.

وجاء في 1982 إلى سفارة الملالي في باريس. ومعروف أن باريس في تلك السنوات كانت مركز نشاطات المقاومة الإيرانية بحضور السيد مسعود رجوي زعيم المقاومة الإيرانية، ومعلومات الشرطة الرسمية تقول أن نشاطات السفارة في تلك الفترة كانت مركّزة على هذه النشاطات وعلى العمل ضد المعارضة الإيرانية. و بعد فترة ذهب إلى سفارة النظام في السنغال لكنه أعلن أنه شخص غير مرغوب فيه وطُرد من هناك لأسباب لانعرفها. وبعد فترة أخرى نُصب سفيراً للنظام في روما عام 1988 وبقي هناك حتى عام 1992. سنوات وجوده في روما تصادفت ذروة نشاطات ممثل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في روما السيد محمد حسين نقدي. ابوطالبي كان يعرف محمد حسين نقدي عن قرب لأن نقدي أيضاً دخل وزارة الخارجية في بدايات الثورة ومنذ ذلك الوقت كانا يعرفان بعضهما البعض. وكان الرجلان ينتميان إلى تيّارين نقضين: حسين نقدي كان رجلاً وطنياً مناصراً ل مجاهدي خلق ، خلافاً لأبوطالبي الذي كان مع الملالي. محمد حسين نقدي نُصب في عام 1982 كقائم بأعمال السفارة الإيرانية في إيطاليا وبقي في هذا المنصب أقل من عام حيث ترك منصبه والتحق بالمقاومة الإيرانية وأصبح ممثل المقاومة في روما. وعند ما جاء ابوطالبي سفيراً للنظام إلى روما

شاهد العلاقات الوثيقة بين ممثلية المقاومة الإيرانية والطبقة السياسية الإيطالية بفضل النشاطات الواسعة التي قام بها السيد محمد حسين نقدي وفريقه خلال تلك السنوات.

هذا ما كان يجري في ساحة ايطاليا. لكن في طهران قرّر كبار قادة نظام الملالي التخلص من حسين نقدي وحمّلوا وزير المخابرات الإيرانية علي فلاحيان خطة اغتياله. فلاحيان بدوره وجد في حميد ابوطالبي أفضل شخص لتنفيذ هذه المهمة. فأوكله هذه المهمّة، حيث قام ابوطالبي بالتخطيط لتنفيذ عملية الإغتيال وكانت الفرق العاملة في الساحة تحت إمرة هذا الرجل. وهكذا تم اغتيال ممثل المقاومة الإيرانية في روما صباح يوم 16 آذار من عام 1993 بالقرب من مكتب المقاومة هناك.

ويشرح التقارير الرسمية لـ«كارابينري» (الشرطة القضائية الإيطالية) هذه الحقائق بفتاصيلها حيث جاء في تقريره بتاريخ 15 كانون الثاني 2003:«التحقيقات القضائية ترى أن حميد أبوطالبي كان المنسّق للعمليات التى أدت إلى اغتيال المعارض الإيراني محمد حسين نقدي... وكان التنسيق على عاتق ابوطالبي بشكل كامل... وتفيد المراجعة إلى مركز المعلومات في منطقة شنگن أن ابوطالبي كان من «الأجانب المحظور عليهم دخول شنگن» وفي تقرير آخر للشرطة القضائية الإيطالية بتاريخ 12 حزيران2004: «بعد ما اتخذت لجنة المهمات الخاصة قرارها بالاغتيال كلّفت فلاحيان (وزير المخابرات) أن يقوم بتنفيذ هذا القرار، وهو بدوره قد أوكل هذه المهمة إلي شخص آخر وهو ابوطالبي الذي كلّف شخصين آخرين من أجل القضايا اللوجستية والتنفيذية .»

ويؤكد هذا التقريري أن أبوطالبي قبل عملية الاغتيال دخل ايطاليا وترك البلاد ودخلها من جديد. لكنه ومن أجل ايحاء أنه لم يكن في ايطاليا في وقت تنفيذ الإجرام خرج من ايطاليا بهويته الخاصة ودخل من جديد بهوية مزوّرة»

المحكمة الجنائية الإيطالية نظرت في القضية خلال مرحلتين وفي مرحلة الاستئناف صرّحت المحكمة بأن «التحقيقات أسفرت عن إثبات وجود ابوطالبي في روما وقت العملية».