تم يوم الخميس 29 أكتوبر 2015، بقاعة المحاضرات بكلية علوم التربية-العرفان بالرباط، حفل تقديم نتائج تقرير المعرفة العربي لعام 2014، والذي حمل هذا العام عنوان "الشباب وتوطين المعرفة"، أعده برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بتعاون مع مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، والذي قام باستقصاء أحوال الشباب العربي فيما يخص انخراطهم وفاعليتهم في عملية توطين المعرفة.
فبالرغم من الانتشار المتزايد لوسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصال، فقد رصد تقرير المعرفة العربي الفجوة المعرفية التي يعاني منها العالم العربي، واستمرار حدتها بين المنطقة العربية ومناطق العالم الأخرى، والذي تبرزه بجلاء مؤشرات الولوج إلى اقتصاد ومجتمع المعرفة.
وقد سلط تقرير المعرفة العربي الضوء على الوضعية الكارثية التي يمر منها الوطن العربي، إن على المستوى التعليمي أو على المستوى الثقافي، والتي تتمظهر بشكل واضح في التقارير الأخيرة للتنافسية العالمية، وعزا ذلك إلى ضعف مؤسسات بناء رأس المال اللامادي، وفي مقدمتها مؤسسات التعليم والتكوين والبحث العلمي، فضلا عن تضخم القطاع العام الحكومي، ومحدودية القطاع الخاص، وضعف سياسة الدولة في مجال خلق وريادة الأعمال، و اختلال الحكامة في تسيير الشأن العام، بالإضافة إلى بطالة الشباب، وهجرة العقول الكفؤة، وإغفال الإصلاح والدعم للغة العربية.
لقد سجل التقرير أيضا، استنادا إلى مؤشر الابتكار العالمي للعام 2014، وجود فجوة حقيقية في مؤشرات الابتكار بالمنطقة العربية مقارنة بمناطق أخرى من العالم، بل وحتى ضمن الوطن العربي نفسه لفائدة بلدان الخليج ذات الاقتصاد النفطي على حساب الدول المغاربية.
وفي محاولة لتجاوز الاختلالات الراهنة المسببة للفجوة المعرفية، أوصى التقرير بضرورة إصلاح "البيئات التمكينية الداعمة" من نظم التعليم والتدريب، والتوسيع من مجال الحريات، خاصة على صعيد القوانين المؤطرة والداعمة لإدماج الشباب العربي في سيرورات نقل المعرفة وتوطينها.
لقد شكل تقرير المعرفة العربي والذي أشرف عليه ثلة من الأساتذة الباحثين، على رأسهم الأستاذ أحمد أوزي في الشق المتعلق بالبحث عن مدى فاعلية الشباب المغربي في عملية نقل المعرفة وتوطينها ببلادنا، فرصة سانحة لتقديم يد المساعدة للمسؤولين على وضع البرامج والإستراتيجيات، من خلال دراسة تشخيصية للواقع التعليمي والثقافي الراهن.
إن الطبيعة العولمية للمعرفة، وما تسمح به من ولوج إلى عالم المعرفة بفضل التقدم الحاصل في وسائل الإعلام والاتصال، لمن شأنه أن يشكل فرصة تاريخية لبناء مجتمع المعرفة، وجب اغتنامها من خلال الاستثمار الأمثل للثروة الشبابية فضلا عن الثروة المالية للدول في الوطن العربي، وذلك حتما رهين بتبني سياسة الحكامة الجيدة، ناهيك عن ثقافة الشفافية والمساءلة وبعيدا عن التوجهات الريعية التي تتسم بها الغالبية العظمى من المؤسسات العمومية، الأمر الذي يحرم دول الوطن العربي من الالتحاق بركب التنمية المستدامة أسوة بدول العالم المتحضر .