أيها المتطرفون والمتشددون والجهاديون: طوبى لكم بافتتاح مركز جديد للوهابية بالسعودية

أيها المتطرفون والمتشددون والجهاديون: طوبى لكم بافتتاح مركز جديد للوهابية بالسعودية

يبدو المركز الجديد للأبحاث حول الفكر الوهابي، الذي سيتم افتتاحه قرب الرياض ترسيخا لمنهج إسلامي يعتبر غير متسامح أو قابل  للتغير ولا يتمتع باي ليونة.

والمركز المبني من الحجر الجيري وتضيء معظمه جسور زجاجية مغلقة، جزء من مشاريع ضخمة للتطوير برعاية العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز.

والمركز تكريم للشيخ محمد بن عبد الوهاب مؤسس الوهابية في القرن الثامن عشر، والذي شارك في تأسيس الدولة السعودية.

ويشكل المركز دلالة واضحة على أن إرثه الفكري لا يزال محوريا في السعودية، رغم عقيدته الصارمة والاتهامات بأنه يغذي تطرف السنة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك  تنظيم الدولة الإسلامية.

وفي المركز مقاه وأشجار نخيل تزينها أضواء. ويقع المشروع في الدرعية، مسقط رأس آل سعود السلالة الحاكمة، ويشمل منطقة الطريف التي أدرجتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) على لائحة التراث العالمي.

وقال عبد الله الركبان، مدير اللجنة العليا لتطوير الدرعية، إن للمركز "قيمة تاريخية كبيرة جدا بالنسبة للحكومة وبالنسبة لنا".

ويملك عاهل السعودية أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، قصرا يطل على المنازل  الطينية لأجداده التي تخضع حاليا لإعادة تأهيل.

وفي الدرعية تأسست الشراكة بين عبد الوهاب وزعيم محلي آنذاك هو الإمام محمد بن  سعود، ما أسفر عن وضع الأسس التي قامت عليها مملكة اليوم واعتمادها على تعاليم رجل دين خطها قبل 270 عاما.

وفي العام 2000 ولدت فكرة المشروع الذي سيتم الانتهاء منه بحلول أواخر العام  المقبل.

وقد بدأ المشروع بتجديد منطقة الطريف، واستعادة مجتمعها القديم كواحة، كما أن بناء مساحات خضراء أمر مهم في قلب شبه الجزيرة العربية.

وسيكون هناك خمسة متاحف صغيرة تصور كيف كانت الحياة إبان الدولة السعودية الأولى التي استمرت بين العامين 1744 و1818 عندما أطاحها تحالف تركي مصري.

- تحالف مهم:

وأضاف الركبان، بينما كان يداعب سبحة صلاة زرقاء اللون في مكتبه، "نحاول الحفاظ على بيئة الدرعية من حيث الطبيعة والألوان والهندسة المعمارية الأصلية".

ورغم أن الطريف في صلب المشروع، البالغة قيمته 750 مليون ريال (200 مليون  دولار)، فإن مركز الأبحاث المجاور يجسد تكريم الشيخ محمد عبد بن الوهاب كمشارك مؤسس للدولة وكشف "الحقيقة حول تراثه الفكري"، بحسب الركبان.

وفي المركز مكتبة تتضمن كتبا ووثائق حول تعاليمه، ستكون متاحة للبحوث فضلا عن الوسائط المتعددة في "قاعة تذكارية" توضح الحركة الدينية التي استوحاها.

وفي وسط المجمع، تجسيد حديث للمكان الذي كان يصلي فيه الشيخ.

وأضاف الركبان أن "وسائل الإعلام تحاول القول –لا، لقد حاول أن يقتل، ويخوض الحروب- أعتقد أن هذا ليس صحيحا".

ودعا عبد الوهاب إلى "التوحيد"، ما يعني منع التبرك بأضرحة الأولياء والكائنات الحية، وتنفيذ الشريعة بشكل صارم.

واعتبر عبد الوهاب أن مذهبه يشكل عودة إلى الإسلام كما مارسه الجيل الأول من المسلمين.

وقد منح الاتفاق مع آل سعود الشرعية الدينية للحكام من الأسرة المالكة التي تطبق في المقابل نسخة صارمة للشريعة حددها الشيخ.

ولا تزال الشراكة مستمرة حتى يومنا هذا، مع إحكام الأسرة المالكة قبضتها على الحياة السياسية، في حين يواصل رجال الدين المتزمتين الوعظ حول سلوكيات صارمة تجعل من السعودية أكثر البلدان تشددا في العالم.

ويحظر على النساء قيادة السيارات، وليس هناك اختلاط بين الجنسين، كما أن دور السينما والكحول ممنوعة، في حين يتهم الوعظ المتشدد المرتبط بالفكر الوهابي بإلهام المتطرفين من أسامة بن لادن إلى تنظيم الدولة الإسلامية.

"رجل دين متشدد":

لكن عرفان العلوي المدير المشارك لمؤسسة "أبحاث التراث الإسلامي"، ومقرها مكة المكرمة، قال إن تكريم عبد الوهاب والحفاظ على الدرعية هو "نفاق"، في الوقت الذي "تجري فيه إزالة التراث الإسلامي" في أماكن أخرى في المملكة.

وتابع علوي وهو مؤيد بارز للتعددية في الإسلام، إنه تماشيا مع تعاليم عبد الوهاب ضد الأوثان، فإن السلطات لم تبذل أي جهد للحفاظ على المواقع المرتبطة بالنبي محمد في مكة المكرمة والمدينة المنورة.

وأكد اختفاء عدد من هذه المواقع التراثية خلال عملية التوسيع في الحرمين المكي والنبوي.

وعلوي بين القائلين إن الوهابية تشكل مصدر إلهام لتنظيم الدولة الإسلامية.

وقال في هذا الصدد "هناك أولا الفكر الوهابي، ومن ثم ما تفرع عنه من أفكار أصبحت أكثر تشددا".

إلا أن أستاذ العلوم السياسية في جامعة باريس، ستيفان لاكروا، يقول إن "السعودية  ليست داعش"، مشددا على أن عبد الوهاب ترك السياسة للسياسيين.

وأضاف أن "السلطة السياسية تضع عددا من القيود على السلطة الدينية تؤدي نوعا ما إلى الحد من التطرف"، مشيرا إلى أن بعض الشبان "لا يشعرون بأنهم وهابيون على الإطلاق" في ظل التغييرات والتأثيرات الحديثة في المجتمع.

وفي أبريل الماضي افتتح الملك سلمان جزءا من المشروع يتضمن حدائق ومطاعم في البجيري التي تطل على أنقاض الطريف.

وفي إحدى الليالي، مؤخرا، جلست نساء على المقاعد، في حين كانت الأسر تدفع عربات الأطفال عبر الساحة المركزية.

وقال طارق المعيصب (24 عاما)، الذي بدأ وظيفة في أحد المصارف قبل شهر، إنه وزميله عبد الله الخيال (23 عاما) يريدان استكشاف أنقاض الطريف لمعرفة "كيف عاش  أجدادنا" على النقيض من "نمط الحياة الغربية" الخاصة بهما.

وأثناء مغادرة مقهى في الهواء الطلق، اتجه لالتقاط صور لمسجد عبد الوهاب قائلا "لقد مارس تأثير هائلا على هذا البلد".

المصدر: أ.ف.ب (العنوان من اختيار هيأة التحرير)