استجابة لدعوة لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب التي وجهتها إلى والي بنك المغرب لمناقشة السياسة النقدية لبنك المغرب، وذلك في إطار الفصل الـ102 من الدستور الذي ينص على أنه يمكن للجان المعنية في كلا المجلسين أن تطلب الاستماع إلى مسؤولي الإدارات والمؤسسات والمقاولات العمومية بحضور الوزراء المعنيين وتحت مسؤوليتهم علما أن الحكومة سبق أن أعلنت في فبراير من السنة الجارية عن وضع نظام أساسي جديد لبنك المغرب يرتكز على تعزيز استقلالية هذه المؤسسة، كما سيصبح بإمكان استدعاء والي بنك المغرب للمثول أمام اللجان البرلمانية المختصة لمناقشة عدد من القضايا المتعلقة بالبنك المركزي، خاصة مراقبة السياسة النقدية..
عقدت هذه اللجنة بمجلس النواب یوم الأربعاء 14 أكتوبر الجاري برئاسة سعید خیرون، رئيس اللجنة، اجتماعا خصص للاستماع لعرض قدمه والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري حول موضوع "السياسة النقدية: السياق، الإعداد و التنفیذ، والتحديات".
وذكر الجواهري بمهام البنوك المركزية في ما يتعلق بضمان استقرار الأسعار ودعم النمو، موضحا الشروط المؤسساتية التي تضمن نجاحها، لاسيما الاستقلالية وما يقابلها من مصداقية وشفافية وتواصل.
وانصب النقاش على مجموعة من المواضيع، لاسيما النموذج التنموي للمغرب، ومستوى المنافسة في القطاع البنكي وتأثيره على تمرير قرارات السياسة النقدية، والعوامل الكامنة وراء تباين التوقعات الصدارة عن مختلف المؤسسات، والتأثير المرتقب لانطلاق نشاط البنوك التشاركية. وتطرقت النقاشات لعدة مواضيع أخرى، منها على الخصوص تطور التضخم ومحدداته ومستوى التسعيرة المطبقة على الخدمات البنكية وعدم منح فوائد على الودائع تحت الطلب.
وفي معرض حديثه عن النموذج المغربي، ذكر والي بنك المغرب بالسياق الوطني الذي يتسم على الخصوص باعتماد نظام سعر الصرف الثابت وهيمنة حصة المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة ضمن النسيج الإنتاجي وتزامن الدورة الاقتصادية غير الفلاحية للمغرب مع دورة شركائه الأوروبيين. واستعرض بعد ذلط مسلسل إعداد وتنفيذ السياسة النقدية والأسس التي ترتكز عليها القرارات ذات الصلة.
ثم تطرق الجواهري لإشكالية تمويل المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة والجهود التي تم بذلها لتيسسير حصول هذه الفئة من المقاولات على التمويل، مبرزا على الخصوص السياسة التي ينهجها البنك وشركاؤه لمواكبة هذه المقاولات ومختلف التدابير المتخذة لفائدتها. ورغم النتائج المرضية التي أثمرتها هذه الجهود، كما يتضح من خلال حصة القروض الممنوحة لهذه الفئة من المقاولات في المبلغ الجاري الإجمالي للقروض المقدمة للمقاولات والتي وصلت إلى مستوى أعلى بكثير من بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، شدد الجواهري على ضرورة مواصلة الجهود في هذا الصدد، بالنظر إلى الطابع المتكرر لهذه الإشكالية.
وختم والي بنك المغرب مداخلته باستعراض أبرز التحديات والآفاق المستقبلية ذات الصلة بالسياسية النقدية في المغرب. ويتعلق الأمر على وجه الخصوص بتوسيع مهام البنك المركزي لتشمل الاستقرار المالي، الذي أصبح تحديا رئيسيا منذ الأزمة المالية العالمية الأخيرة، إلى جانب انتقال المغرب في إطار سياسة الانفتاح الاقتصادي إلى نظام صرف أكثر مرونة. ويستلزم هذا الانتقال، يضيف الجواهري، الذي سيسهل التحول إلى نظام لاستهداف التضخم، تحقيق عدد من المتطلبات لضمان نجاحه.
وأجمعت مداخلات أعضاء اللجنة التي تلت عرض والي بنك المغرب على الترحيب بهذا اللقاء، مشددة على ضرورة إرساء حوار منتظم بين بنك المغرب والمؤسسة التشريعية.