مصطفى المعتصم: كفانا هزهزة وعفعفة يا وزير الشؤون الخارجية

مصطفى المعتصم: كفانا هزهزة وعفعفة يا وزير الشؤون الخارجية

كنت في زيارة لبعض معالم باريس مستحضرا التجربة التاريخية الفرنسية منذ عصر النهضة، مرورا بعصر الثورة الفرنسية، ووصولا إلى اليوم، حينما شوشت علي قصة الفعفعة والهزهزة، فكانت هذه التغريدة:

الفعفعة والهزهزة، كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان الديبلوماسي، ذكراني بالكلمة الفرنسية secouer وهي كلمة ذات معنى أمني تستعمل كثيرا في استنطاق المتهمين . il faut le secouer وتعني زعزعة ثقة المتهم وتخويفه كي يفقد توازنه ويبدأ في الإقرار والاعتراف.

فهل كان السيد وزير الشؤون الخارجية وهو يتحدث بوجه متجهم يدل على الغضب والحزم يخاطبنا، أم كان يخاطب جهات قالت له فعفع الوزيرة وهزها. أي جاء ليقول للعباقرة اللذين طلبوا منه هزهزة وفعفعة الوزيرة السويدية أنه قام بالواجب كما طلب منه.

سيدي الوزير، للأسف كلمتك وصلت الجهة التي أردت إيصالها قيامك بالواجب، ووصلتنا ووصلت أيضا الحكومة والبرلمان السويدي.

سيدي الوزير، السادة الذين يشيرون عليه بمثل هذه الفتاوي:

السويد دولة ملكية كالمغرب وهذا بإمكانه فتح آفاق كبيرة للتواصل معها.

السويد تتوفر على برلمان منتخب ديمقراطيا يحترم نفسه وقراره ولن يحاوره إلا برلمان منتخب ديمقراطيا يحترم نفسه وقراره.

السويد لها حكومة منتخبة ديمقراطيا بناء على برامج حزبية وعلى تصريح حكومي، حكومة تمتلك القرار بيدها وتسعى لتنفيذ برنامجها احتراما لناخبيها، هذه الحكومة لن تحاورها سوى حكومة بهذه المواصفات.

السويد دولة تحترم حقوق الإنسان، بل تقدس هذه الحقوق وتحترم من يحترمها وتحتقر من يحتقرها، ولن تفهم حكومتها وبرلمانها كيف نمنع في بلادنا تظاهرة تنديدية على ما حصل للمغاربة في منى بالسعودية، ونصفق لتظاهرة المغاربة في السويد تنديدا بمواقف حكومتها (قلت نصفق حتى لا أقول ننظم).

موقف السويديين مبني على مبدأ من مبادئ حقوق الشعوب: أي حق تقرير المصير، والمفروض عوض التهديد والوعيد والهزهزة والفعفعة، مما يدل على ضيق الأفق وانحصار الخيال الديبلوماسي وضعف الحيلة، وهو ما لن ينفعنا مع الديبلوماسية السويدية وحكومتها وبرلمانها، بل لن ينفعنا مع الدول الأسكندنافية وحتى الدول الأوروبية مستقبلا.. أقول عوض هذا كان عليك أن تنحو نحو الطمأنة وتقديم الضمانات أن بلادنا تتطور ديمقراطيا وفي احترامها لحقوق الإنسان وفي استقرار المنطقة وأمن شمال إفريقيا وجنوب أوروبا.

كان عليك سيدي الوزير أن تؤكد أن بلادنا حريصة على احترام حق الشعوب في تقرير مصيرها وصيغة الحكم الذاتي الموسع الصلاحيات صيغة من صيغ تقرير المصير، بل هي الصيغة السياسية الوحيدة الكفيلة اليوم بحل قضية الصحراء بسرعة وفي سياق لا غالب ولا مغلوب.

سيدي الوزير كن متأكدا أن فعفعتك وهزهزتك لن تساوي شيئا أمام دموع آميناتو حيدار في البرلمان السويدي عندما تلقي كلمتها فيه. بل فقط دموع صادقة من المحتجزات في تيندوف، وفقط شهادات لضحايا حقوق الإنسان في مخيمات تيندوف، وفقط عرض سياسي متكامل لحل قضية الصحراء يمكن أن يغير القناعات ويدعم موقفنا.