نفى المهدي لحلو، أستاذ الاقتصاد بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، في هذا الحوار، أي ربط تلقائي بين الزيادة في الإنتاج الوطني وخلق فرص الشغل، ويطالب ضمن مجموعة من الاقتصاديين في السياسة الاقتصادية بتدخل الدولة، وبفك الارتباط ما بين القطاع الفلاحي والقطاع الصناعي على اعتبار أن لا يبقى النمو الاقتصادي ككل مرتبط بواقع التساقطات المطرية، ومبني على اليد العاملة في القطاع الأولي فقط، بل ضرورة أن تكون سياسة تصنيعية تساهم في الرفع من مستوى التشغيل، وتستثمر في القطاعات ذات القيمة المضافة المرتفعة والتي تشغل يد عاملة منتجة.
* ارتباطا بمعدل النمو ومدى امتصاصه لحجم البطالة، كم تخلق كل نقطة نمو من فرص للشغل؟
** ..في حالة الاقتصاد غير المهيكل بالمغرب يمكن خلف فرص الشغل بدون زيادة في الإنتاج، وفي بعض الحالات يمكن الزيادة في الإنتاج بدون خلق فرص الشغل. ليس هناك ربط تلقائي بين الزيادة في الإنتاج الوطني وفرص الشغل. بشكل آخر، لا يمكن القول إذا ارتفع الإنتاج ب 10 في المائة سترتفع فرص الشغل ب10 في المائة. في المغرب مثلا، عندما تكون حصيلة السنة الفلاحية جيدة مع تساقط الأمطار يرتفع الإنتاج الفلاحي ب 10 إلى 15 في المائة، وهذا ما وقع خلال 30 سنة الأخيرة مما أدى إلى ارتفاع الإنتاج الوطني. وهذا لا يعني انخفاض حجم البطالة، على اعتبار أن القطاع الصناعي الذي عليه أن يخلق فرص الشغل يعرف نسبة إنتاج ضعيفة. إضافة إلى أن هناك معطى آخر للإنتاجية، بحيث يمكن الرفع من الإنتاج في بعض الحالات عبر التقليل من اليد العاملة باستعمال آلات تنتج كمية أكبر.
* ما هي الحلول الممكنة للرفع من معدل النمو للاقتصاد الوطني؟
** منذ مدة نطالب كمجموعة من الاقتصاديين في السياسة الاقتصادية بتدخل الدولة بالمغرب، وبفك الارتباط ما بين القطاع الفلاحي والقطاع الصناعي على اعتبار أن لا يبقى النمو الاقتصادي ككل مرتبط بواقع التساقطات المطرية، ومبني على اليد العاملة في القطاع الأولي فقط، يعني ذلك ضرورة عصرنة الاقتصاد. النقطة الثانية ضرورة أن تكون سياسة تصنيعية تساهم في الرفع من مستوى التشغيل، وهذه السياسة لا يجب أن تكون مبنية على اليد العاملة البخسة بل سياسة تصنيعية تستثمر في القطاعات ذات القيمة المضافة المرتفعة والتي تشغل يد عاملة منتجة، ليست هي التي نشاهدها الآن بالمغرب غير مؤهلة في بعض القطاعات، وغير ذات مستوى تكويني وتعليمي مرتفع.
* ما رأيك في السياسة الحكومية الحالية المرتبطة بصناعة السيارات وصناعة الطائرات؟
** ليس المغرب هو الموجه لصناعة السيارات فقط، بل هناك سياسات صناعية للشركات الكبرى خاصة الشركات الفرنسية كرونو وبوجو، إذ أن توجه هاتين الشركتين يرمي إلى التغلغل في السوق الإفريقية عبر بوابة المغرب لعدة اعتبارات منها الأمنية والاستقرار السياسي، وكذلك باعتبار ضعف ثمن اليد العاملة والتغطية الاجتماعية. و كانت أسواق أخرى في الماضي تستحوذ على هذه القطاعات مثل إسبانيا التي توجهت إلى قطاعات أخرى تعتبرها اليوم أكثر مردودية وإنتاجية (قطاعات مصدرة، السياحة ذات المردودية المرتفعة، قطاع البحث العلمي، قطاعات مرتبطة بالصناعات الحديثة للطائرات..) من قبل كان لإسبانيا مصانع لتركيب السيارات، الآن أصبح لديها مصانع للإنتاج. في حين أن المغرب ليس لديه إلا مصانع لتركيب السيارات. كما أن مساهمة الشركات المغربية فيما يصنع ويصدر في مجال السيارات هي مساهمة ضعيفة.
نقطة أخرى واضحة، غالب لا يراها المراقبون ولا تتحدث عنها الحكومة مع مجيء شركات صناعة السيارات وبعض الشركات المرتبطة بصناعة الطائرات... هناك صناعات أخرى في طريق الزوال كصناعة النسيج التي تفقد عشرات الآلاف من مناصب الشغل سنويا. بما أن قطاع النسيج يعتبر لحد الآن أهم مشغل في الصناعة الوطنية. هذا الذي جعل اليوم في المغرب يسجل تراجعا كبيرا في نسبة القطاع الصناعي في الناتج الداخلي الخام. إذ منذ 15 أو 20 سنة كانت نسبة القطاع الصناعي في الإنتاج ككل تمثل 24 في المائة اليوم تقترب من 13 في المائة.
*هل يجب البحث عن بدائل لصناعات أخرى؟
** بدائل أخرى، ليست الحكومة الحالية التي يمكن أن توفرها، هذه الحكومة هي ذات توجه يميني اقتصادي متطرف وهو الذي يفتح للسوق للمزاحمة بين الشركات الداخلية والخارجية.. وهي ما يعرف بالليبرالية المطلقة التي تغيب عنها امتلاك الدولة لقطاعات معينة وتوجيها لقطاعات أخرى..ولأول مرة في المغرب يتم الحديث اليوم عن خوصصة المطار الجديد بمراكش.
* مقاطعا، تقصد المطار الجديد الذي سينجز بشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص؟
** الحديث عن الشراكة بين القطاع العام والخاص، يعني في الأخير إدخال القطاع الخاص إلى قطاعات استراتيجية..