تلقى الموظفون المغاربة قرار وزارة المالية والقاضي بصرف أجورهم يومان فقط قبل حلول عيد الأضحى بالكثير من الاستياء، بحجة أنها مدة غير كافية تماما لتدبير أمور تتطلب تحضيرا استثنائيا، وإمكانيات ليست في مستوى الجميع. وفي هذا السياق، نزلت "أنفاس بريس" إلى الشارع البيضاوي لتعود بمجموعة من الآراء التي صبت جميعها في حكم عدم الرضى على ذلك التأخير، حتى أن أحد المواطنين، وهو موظف بسن 47 سنة، اعتبر الأمر مؤامرة ضمنية بين الوزارة وبائعي الخرفان، ضحيتها الأولى والأخيرة هو وأمثاله من المرتهنين بأجرة نهاية الشهر، موضحا: "والله مافهمت كيف يمكن تعمل كلشي في 48 ساعة. واش تشري الحولي، أو تشري لوازم ديال العيد؟ وملي كنقول لوازم راه باب ملي كتفتحو أش جاب ما يسدو". وأضاف بأن أهم ما يؤرقه في كل هذا هو توقعه لارتفاع رهيب في كافة الأسعار، من منطلق عمل التجار على انتظار اليومين الأخيرين للتفنن في النيل من المستهلك، و"شرملة" جيوبه ظلما وعدوانا. إنها بالفعل "مؤامرة" تتسيدها وزارة المالية لصالح الباعة وعلى رأسهم "الكسابة"، يتحسر المتحدث.
ومن جهتها، لم تشد مليكة، البالغة 37 سنة، عن موقف زميلها بعد أن اعتبرت تاريخ الثلاثاء 22 شتنبر الجاري لتسلم الرواتب عبثا لا طائل منه، بل على النقيض من ذلك، تستدرك، لن يخلق سوى متاعب إضافية للمعنيين، ويخندقهم في مطبات هم في غنى عنها، طالما أنهم غارقون مسبقا في تبعات عانوا منها بسبب مصاريف العطلة الصيفية وحاجيات الدخول المدرسي. وتسجل هذه المرأة بأن وزارة المالية وضعت الموظفين أمام الأمر الواقع وسلمتهم على طبق من ذهب للتجار "اللي أصلا كيمرضو بالزيادات في مثل هذه المناسبات بلا سبب"، فما بالك حين يتأكدون بأن ليس للمشتري سوى يومين لقضاء أغراضه، حينها سيصدرون في حقه ما شاءوا من الأسعار تحت شعار "هز ولا سير".
وفي الوقت الذي يظن أصحاب القرار المركزي أنهم فعلوا حسنة بالموظفين، وروجوا للخبر وكأنه إنجاز تاريخي، يقول عبد النبي، البالغ 52 سنة، فإنهم ألحقوا بهؤلاء أشد العقوبات وعرضوهم لانتكاسة سترخي بوقعها لا محالة على باقي شهور السنة، مستطردا: "دابا اللي ما فيه شك هو أن البياعة كيتسناونا في الدورة، وماغادي يبيعو والو حتى يوصل الثلاثاء الماجي باش يديرو فينا ما بغاو".
أما رجاء، البالغة 39 سنة، فاعتبرت الوزارة وكأنها تتعامل مع أناس "ماخاصهم حتى خير، وموفرين سلفا ثمن الأضحية، وبالتالي داك الصالير اللي غادي يشدو ما هو إلا خضرة فوق الطعام"، في حين أن الواقع عكس ذلك، تقر رجاء، علما أن الشريحة الأوسع من الموظفين تضع يدها على قلبها منذ شهور رهبة من هذا الموعد، وتحسب له ألف حساب، لتأتي الوزارة في نهاية المطاف وتصفعهم دون أي اكتراث بحالهم، وما يمكن أن يزيده قرارها من أزمات الله وحده يعلم مآل آخر وقعها.