الجزائر.. رحيل توفيق نهاية حقبة وليس نهاية نظام

الجزائر.. رحيل توفيق نهاية حقبة وليس نهاية نظام

أجمع المحللون المتابعون للأحداث في الجزائر أنه بالنسبة للشخص العادي، كان الجنرال محمد مدين، الملقب “توفيق”، رجلا معصوما لا مساس به، حيث كان هو “رب الجزائر”.

ويرى هؤلاء أن إحالة “الرجل اللغز”، كما وصفته بعض الصحف الجزائرية، والرجل “الأسطوري الغامض” توفيق، و”الرجل الذي لا وجه له” يوحي  بـ”نهاية أسطورة”. وهو ماجعل الكثيرون يتساءلون “هل كان الجنرال توفيق سرابا أم حقيقة؟”.

أسئلة كثيرة وتفسيرات مختلفة

يرى المراقبون أن “نهاية الأسطورة تعني أيضا عصرا انتهى”. إنه سقوط جزء من تاريخ البوليس السياسي في الجزائر.وتساءل كثيرون “عن التغييرات التي يخضع لها رأس الأجهزة الأمنية في البلاد”.فيما يتساءل محللين إن كانت هذه الإقالة “استراتيجية استخباراتية جديدة تمليها التحديات الأمنية الجديدة؟ أم هي عقوبات؟ أم جراحة تجديد؟ أم هي صراع العشائر من أجل ما بعد رحيل بوتفليقة؟”.

ما أكثر الأسئلة المطروحة التي ليس من السهل الإجابة عليها “هل خرج توفيق بعد حرب استنزاف بين وزارته ورئاسة الجمهورية، أو أنه رحل بعد ترتيب، وخروج عن طريق التفاوض؟”.

إلا أنه إذا كان البعض يرى في هذه التغييرات دليلا على وجود “معارك قبلية”، فإن البعض الآخر يقدّر أن الأمر يتعلق بـ “انتقال سلس”.

ويقول المحلل الصحافي الجزائري عابد شارف “إن الرئيس بوتفليقة سوف يذهب إلى نهاية ولايته، لقد أعلن عن ذلك، والذين رافقوه سيلعبون لعبته”. لكن البعض يقول أيضا أنه من الصعب الإجابة عن هذه الأسئلة، طالما “طبيعة سير السلطة الحقيقية غامضة ومبهمة”.

تقاعد محدود الآثار

يقول المحللون إنه على الرغم من تفسيرات التقاعد القسري للجنرال محمد مدين المختلفة، فالعديد من المعلقين يتفقون على التأثير المحدود لعملية التعديل على الحياة السياسية في البلاد.

وفي هذا السياق، يقول أحد المحللين “بالتأكيد، ما بين قيادة عسكرية عامة متنازع عليها، وقيادات في الجيش مهمشين وقادة استخبارات وأمن ضعيفة، فإن ما بعد بوتفليقة لا يوفر خط القرار السياسي نفسه”. ويضيف “القالب الذي يقولَب فيه الرؤساء ربما لم ينكسر نهائيا وإنما هو معطل مؤقتا ليس إلا”.

بما دائرة الاستخبارات والأمن، وهي مزيج من الأساطير والحقائق، والمكونة من قوى فائقة وقصص مخيفة ومن تدخلات مفيدة، لا تزال مستمرة وباقية، ولكن إعادة الترتيب لم تضع نهاية للنظام. ويتساءل المحللون “فهل سيرسم القوس الطويل الذي تم إغلاقه في الحقبة التوفيقية (نسبة إلى الجنرال توفيق) تغييرا حقيقيا في طبيعة النظام السياسي؟”. وفي رأي هؤلاء أن الأمر ليس مؤكدا.

الدولة المدنية سوف تنتظر طويلا. لأن مشروع تحرير الحياة العامة والسياسية من البقايا البوليسية القديمة، في انتظار من يحققها على أرض الواقع.

 

إرم