تشهد منطقة الشرق الاوسط جملة من المتغيرات و الاحداث و التطورات الملفتة للنظر و التي باتت تٶثر على مسار الاحداث و الاوضاع بصورة غير عادية، لکن الذي يلفت الانتباه أکثر هو إن هناك دائما قاسما مشترکا أعظما بين تلك الاحداث و التطورات وهو الدور الايراني في المنطقة الذي تجاوز کل الحدود المتفق عليها قانونا و عرفا، وإن هذا الدور الذي بات يتصاعد و يتسع مع مرور الايام و يترك آثاره و تداعياته السلبية على الاوضاع في المنطقة، مما يتطلب إعادة النظر ليس فيه وانما في الملف الايراني برمته و السعي للخروج بتصورات و رٶى و أفکار جديدة من أجل التصدي للمشاکل والازمات المختلفة بسبب من الدور الايراني.
نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية الذي تم تأسيسه بعد أن تمکن التيار الديني في الثورة الايرانية من مصادرة الثورة و القضاء على الاطراف المشارکة فيها أو إقصائها، واجه"ولايزال"منظمة مجاهدي خلق، الفصيل السياسي الاکبر في المعارضة ليس ضده وانما حتى ضد النظام الملکي الذي سبقه، والذي کان لها الدور الاکبر و الابرز في إسقاطه و إنجاح الثورة، لکن التيار الديني المتطرف الذي تربص الفرص بالثورة و إستغل الاضاع و الظروف ليصادر الثورة و يسيطر على مقاليد الامور في إيران و لإن منظمة مجاهدي خلق کانت الطرف الرئيسي الذي ساهم في إنجاح الثورة و إسقاط النثام الملکي، فإنها صارت هدفا للنظام الديني الذي خلف النظام الملکي.
الثورة الايرانية التي ماکانت لتندلع أو تنتصر لولا الدور الاستثنائي المميز لمنظمة مجاهدي خلق فيها بل وان الارضية التي مهدت للثورة کانت و بشهادة معظم المختصين بالشأن الايراني، قد تم تهيأتها من جانب هذه المنظمة، ولهذا فإن دورها المميز قد صار بمثابة الامر الواقع في تأريخ الثورة الايرانية وهو ما دفع بالتيار الديني المتطرف الذي سيطر على مقاليد الامور أن يجعل من معاداة منظمة مجاهدي خلق من ضمن أولوياتها وقد کانت المواجهة المحتدمة بين هذا النظام و المنظمة إحدى الملامح و السمات المميزة لمرحلة مابعد نجاح الثورة ولحد يومنا هذا.
التأثير الکبير الذي لعبته و تلعبه منظمة مجاهدي خلق على الاحداث و التطورات في إيران و المنطقة خصوصا فيما يتعلق بفضحها للمخططات المختلفة لنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، بالاضافة الى الدور غير العادي الذي لعبته هذه المنظمة على صعيد الاوضاع الداخلية في إيران، تجعل منها عامل مهم في تحديد مسار الامور و الاوضاع في القضية الايرانية، ومن هنا، وفي غمرة الاحتفال بالذکرى ال50 لميلاد منظمة مجاهدي خلق، فإنه من المهم جدا على دول المنطقة أن تنتبه لدور هذه المنظمة و تأثيرها الاستثنائي على الاوضاع في
إيران، وإنه من المناسب جدا الالتفات الى الدور المٶثر لهذه المنظمة و السعي من جانب دول المنطقة من أجل إرساء دعائم سياسة إقليمية جديدة تجاه إيران تقوم على أساس الاعتراف بمنظمة مجاهدي خلق کمعارضة رئيسية ضد النظام القائم في طهران و دعم تطلعات الشعب الايراني للتحرر و الديمقراطية، وإن هذين الاساسين هما في الحقيقة الضمانتين اللتين تمنحان الامل بالدفع بإتجاه تغيير جانبي المعادلة السياسية القائمة في إيران لصالح الشعب الايراني و شعوب المنطقة.