تشتد المنافسة هذه السنة بين وجوه انتخابية معروفة بمقاطعة الحي الحسني بالبيضاء استعدادا لاستحقاقات الرابع من شتنبر، وأغلبها وجوه لها صولات وجولات في التسيير الجماعي، مع ملاحظة ترشح العديد من الوجوه التي غابت عن دائرة النزال الانتخابي بالمنطقة، والتحاق العديد من الشباب بأحزاب مُعينة دون أي رصيد سياسي داخل مكاتبه الإقليمية أو شبيبته، إذ مُمكن أن لا يكون بعضهم إن لم نقل جلهم حاصلا على بطاقة العضوية بالحزب، الذي برزت وجوههم داخل منشوراته، مع اعتماد بعض الأحزاب على وجوه اشتغلت في الميدان الجمعوي بالمنطقة، والجديد هذا الموسم الانتخابي هو هجرة منتخبين من حزب إلى حزب مُنافس، وابتكار أساليب جديدة في الدعاية الانتخابية، وبروز تحالفات "استراتيجية" لامتصاص الأصوات الانتخابية واكتساح الصناديق، اعتمادا على الوجوه الانتخابية المعروفة، والتركيز على تضمين اللوائح أكبر عدد من الشباب والحرفيين، وتحكُّم رؤساء اللوائح في التركيبة البشرية التي يرون أنها مُناسبة لإبعاد "نحس" لازمة "المهم هي المشاركة".
"تخريجة" فريدة وتقليد حديث فطنت إليهما إدارة الحملة الانتخابية لحزب "الجرار" بمقاطعة الحي الحسني بالبيضاء، في غمرة حملات استحقاقات الرابع من شتنبر القادم، فبجولة بين زقاق وشوارع الحي الحسني تشاهد العين شباب وشابات في مقتبل العمر، يتنقلون عبر دراجات هوائية بها لافتات صغيرة تتضمن صورا من منشورات الحزب و(بروفايلات) لأعضاء لائحتيه الجهوية والمحلية، في مشهد متطابق مع الدعاية لبعض عروض الاتصالات والإنترنت وأيضا الدعاية للعروض الفيلمية بسينما ميغاراما وعروض الفكاهة بالمركب الفني الراقي (جميعا إلى الخشبة tous en scène ) المتواجد بشارع "عبد الهادي بوطالب" "شارع أزمور" سابقا.
وتضم لائحة حزب "الجرار" المحلية بالحي الحسني وكيل اللائحة "عبد القادر بودراع"، المسنود بأخيه خبير الحملات الانتخابية بالمنطقة "مصطفى بودراع"، والفاعل الجمعوي "محمد الركاني" محبوب الأحزاب بالمنطقة، مع ضم وجوه انتخابية من مناطق موزعة على الحي الحسني وليساسفة، لضمان أكثر نسبة من الأصوات، مع التحاق أو بالأحرى ضم (ولد المذكوري) واسمه الكامل محمد الرضواني الذي يراهن على شعبيته الحزب لكسر شوكة "الطاهر اليوسفي" "العاصفة الهادئة" بمنطقة ليساسفة، أحد القواعد الثابتة لهذا السياسي الذي أطلق العنان لـ"الحمامة" (حزب التجمع الوطني للأحرار) وامتطى صهوة "الحصان" (حزب الإتحاد الدستوري)، وتمتلك عائلة "بودراع" إضافة إلى "محمد الركاني" و"ولد المذكوري" خزانا انتخابيا مهما، يجعلها تطمح في الظفر بمقاعد مضمونة داخل المجلس المحلي للمقاطعة والرهان على انتزاع رئاسة المقاطعة من حزب "المصباح"، وفيما يشكل حزب العدالة والتنمية بمنطقة الحي الحسني بالبيضاء شبحا لباقي الأحزاب لاحتلاله المراتب الأولى في الاستحقاقات الفارطة، بفضل بعض الوجوه السياسية والفاعلين الجمعويين الذين ساندوا الحزب منذ ترشيحه أول مرة بالمنطقة، دون إغفال استفادة الحزب في البداية من "أصوات الانتقام" من الأحزاب الأخرى التي لم تحقق الكثير من المطالب لساكنة الحي، لدرجة أنه من المعروف محليا ووطنيا أن الحي الحسني صمام الأمان للوجوه السياسية المركزية لحزب "المصباح"، الذي يعود هذه السنة لغمار المنافسة مُقترحا رئيس مقاطعة الحي الحسني المنتهية ولايته (نجيب عمور) على رأس اللائحة، مسنودا بالعديد من قياديي الحزب بالمنطقة وشبابه، مع ملاحظة غياب عنصر مهم داخل ترسانة حزب العدالة والتنمية بالمنطقة (صلاح الدين مبروم) رئيس جمعية كشافة المغرب، الذي ناضل كثيرا مع الحزب ولا يزال في موقع الاستقطاب رغم غيابه عن لائحة الحزب محليا وجهويا. ويرى مراقبون أن حملات حزب العدالة والتنمية بالحي الحسني تتميز بعدم الاحتكام للصراخ والتوجه مباشرة للمواطنين، بل تعتمد الحملة على الظهور بوجوه هادئة وسلوكات متزنة، وتتوسل الأناشيد الدينية والحماسية التي يُراد منها مُخاطبة العقل الباطن للمصوتين، وتنم عن تأطير جيد للحملة بالأساليب التي تجيدها قيادات حزب المصباح. وبعد تراجع حظوظ حزب الكتاب خلال الفترات السابقة، يعود هذا العام لمقاطعة الحي الحسني بتشكيلة توصف بـ "رباعي الرعب" إذ يوجد على رأس لائحة حزب التقدم والاشتراكية محليا بالحي الحسني (ياسين الزهراوي) ابن "المليادير الزهراوي، صاحب شركة النقل المشهورة سابقا، مسنودا بأربع وجوه انتخابية معروفة بالمنطقة، أبرزها القيادي بحزب الكتاب بالحي الحسني "منظور" بمؤازرة ممون الحفلات "عبد العزيز العباسي" الذي تقلد في وقت سابق مهمة رئيس اللجنة الثقافية بالمقاطعة، إضافة إلى مستشارين سابقين بالمقاطعة غابا عن الساحة الانتخابية في السنين الأخيرة، لكن ظلا في واجهة الحدث الانتخابي وبقي خزانهما الانتخابي "مُشتعلا" ومحطَّ أطماع العديد من السياسيين وهما (عبد الرحيم جوي و مصطفى ورار).
ويعود "الطاهر اليوسفي" لدائرة النزال الانتخابي هذه السنة "محليا" بمقاطعة الحي الحسني، على ضوء البيت الشعري (أخاك أخاك إن من لا أخا له ... كساع إلى الهيجا بغير سلاح)، إذ يُشكل رفقة أخيه الأكبر محمد اليوسفي (جهويا) قائدي حملة حزب "الحصان"، حيث قدما إليه من حزب "الحمامة"، مسنودان بـ "ابرهيم زريق" الذي وضع الميزان جانبا تاركا حليف الأمس "بوشتى الجامعي"، ليصعد "زريق" فوق صهوة "الحصان"، ويمتلك "زريق" خزانا انتخابيا مهما بأحياء الوفاق بأرقامها المُختلفة كما أن له حضورا ملحوظا بليساسفة. ويشكل حزب "الميزان" الاستثناء في هذا النزال الانتخابي ببقاء "بوشتى الجامعي" شبه وحيد في معركة النزال مُنفصلا أو فاصلا رفاق الأمس، مسنودا بالعائد إلى نزالات حزب الميزان القيادي "حميد بلخير" وصيفا للائحة المحلية، إذ تخلى "الجامعي" عن حلفاء الأمس الذين غادروا كتيبته، للاصطفاف ضمن لوائح منافسيه، حيث اختار "الجامعي" أن يجدد "بروفايلات" لائحته الانتخابية هذا العام، مُستعينا بوجوه شابة.
وعن حزب الإتحاد الاشتراكي يبرز اسم "صالح بن جكال" التاجر ورجل الأعمال المعروف بمنطقة الحي الحسني وكيلا للائحة المحلية لحزب "الوردة"، والذي راكم سنوات من العمل الجماعي قبل أن يغيب عن كراسي وموائد المقاطعة، ليعود هذه السنة مُنافسا قويا لـ "الأخوين بودراع"، إذ يجمعهما نفس الخزان الانتخابي الأصلي، أي أحياء الدرب الجديد سابقا والحي الحسني حاليا، وتربط "صالح بن جكال" علاقات قديمة ببعض سكان الحي الحسني مُرتبطة بخدمات اجتماعية وإنسانية، يُراهن عليها عرابو حملته للظفر بأصوات وفية مُزعجة لباقي المُنافسين، مع اعتماده على العديد من الشباب داخل لائحته المحلية، ورفعه لشعار "أبناء منطقة الحي الحسني أولى بغيرهم من كراسي تسيير مقاطعة الحي الحسني" ويروج على لسان "مريديه" أنه "قريب من الساكنة طول السنة وبابه مفتوح للجميع" وهو الأمر الذي يروِّجه أيضا مهندسو الحملة الانتخابية لحزب "البام"، الذين يقفون إلى جانب "الأخوين بودراع" والكل يستهدف الحصول على أعلى نسبة من الأصوات المُعبَّر عنها في استحقاقات الرابع من شتنبر 2015 بحي الحسني، الذي يعيش مشاكل عديدة تتطلب حلولا جذرية ونخبا قادرة على اجتثاث الإختلالات القديمة والجديدة المعروضة على طاولة مقاطعة الحي الحسني، الذي كان في السابق معروفا باسم "جنان حمين" قبل أن يُسمى الدرب الجديد ويحترق في سنوات الخمسينات تم يتدخل الملك محمد الخامس لإعطاء أوامره بإعادة بناءه وتحويل السكن العشوائي القصديري و"النوايل"، إلى سكن أغلبه عبارة عن "بلوكات" ويُطلق عليه اسم ابنه الراحل الملك الحسن الثاني، ليسجل في لوائح الإدارة العمرانية وملفات وزارة التخطيط والعمالة والمقاطعة تحت اسم (الحي الحسني).
ويرى مراقبون أن نتائج الانتخابات بالحي الحسني بالبيضاء، ستسفر عن تصدر حزب العدالة والتنمية، للائحة الأحزاب الحاصلة على أعلى نسبة من الأصوات، بحكم أن قواعد الحزب ثابتة بالمنطقة ومتينة، متبوعا بحزب "البام" وحزب "الحصان"، فيما تبقى حظوظ حزب "الكتاب" و"الوردة" مُتقاربة حسب قراءة للعديد من المتتبعين للشأن الانتخابي بالمنطقة، الذين تواصلت معهم "أنفاس بريس". لكن هذا لا يمنع أن المُفاجأة تبقى حاضرة بقوة على ساحة النزال الانتخابي بالحي الحسني بالعاصمة الاقتصادية.