أنوار الزين مُتخصص في مجال الصحافة والتواصل، اختار الانضمام لمجال (فن الممكن) بالانخراط في الحقل السياسي مُمتطيا صهوة الحصان سياسيا (حزب الإتحاد الدستوري)، يجمع الكثير من المتتبعين للشأن السياسي أن "أنوار" سياسي مُتمرس ومثقف، يُجيد التواصل والإقناع، يقول أنه يكره "الكذب السياسي" ويتبنى فلسفة خدمة المُنتخبين محليا وجهويا للسياسات العمومية، يجد ضالته في قيادة الحملات الانتخابية ويُراهن على الوضوح من خلال عدم الاعتماد على الوعود الكاذبة البعيدة عن الواقع لاستقطاب الناخبين حسب إفادته، خاض في شهر يونيو من هذا العام غمار المنافسة للظفر بالأمانة العامة لحزب الحصان التي عادت للعمدة محمد ساجد، الزين هو وصيف لائحة حزب الإتحاد الدستوري بدائرة عمالة أنفا، ومرشح حزب الحصان للانتخابات الجهوية الحالية (جهة الدار البيضاء - سطات). اتصلت به أنفاس بريس وكان معه هذا الحوار..
يبدو أنك لا ترتاح، من الترشح لانتخابات الظفر بكرسي الأمانة العامة لحزب الإتحاد الدستوري إلى الانتخابات المحلية والجهوية لاستحقاقات 4 شتنبر 2015 . ماهو تعليقك على هذه الملاحظة؟
بالنسبة لي اللحظات الرائعة لممارسة السياسة هي "الحملات الانتخابية"، ومن خلالها أحاول إقناع الناس، المناظرات والندوات في رأيي ليست هي الطبيعة الأولى للرجل السياسي، الرجل السياسي تجذبه الحملات الانتخابية هذا من جهة أولى، من جهة ثانية هي أجاندا أو برنامج مضبوط، وقد شاءت الأقدار أن يكون المؤتمر الخامس للحزب (الإتحاد الدستوري) في شهري (مارس - أبريل 2015)، أي على بعد شهر أو شهرين من موعد الانتخابات الجماعية والجهوية، التي كان من المتوقع أن تـُجرى في شهر يونيو الماضي وتم تأجيلها إلى غاية شهر 4 شتنبر. فمن أول السنة علمت أنني سأقضي ثلثي العام إن لم أقل جله في الحملات الانتخابية، إذا أخذنا بعين الاعتبار انتخابات الغرفة الثانية أو (البرلمان).
بالنسبة لك كسياسي شاب. كيف مرت فترة انتخابات كرسي الأمانة العامة لحزبكم؟ وكيف هي أجواء الانتخابات الحالية؟ وهل اعترضتك عراقيل أم أن الأمور تسير حسب رغبتك وقناعاتك؟.
الممارسة السياسية ليست نـُزهة ترفيهية، لابد من العراقيل وهي جزء لا يتجزأ من الممارسة السياسية داخل الحزب وخارجه، لكن الفرق بين من أسميهم سيَّاح المجال السياسي الذين يأتون للأحزاب لأغراض معروفة ويظهرون من حين لآخر حسب المناسبات، وبين الممارس السياسي الحقيقي فهو دائما منهمك في العمل السياسي، فالسائح السياسي يظهر من مؤتمر لمؤتمر وفي فترة الانتخابات بالخصوص. العراقيل حقيقة لا يمكن نكرانها وضرورة، لكن هذا لا ينفي لذة الحملات والإبداع والتأقلم والخلق.
معروف في الدار البيضاء أن عمودية المدينة تعاقب عليها عبد المغيث السليماني وسعد العباسي ثم محمد ساجد في ولايتين. هل أنت راضي على تسيير الدار البيضاء وهل استمرارك في حزب الحصان ينعكس على استجابة برنامج هذا الحزب لطموحاتك وقناعاتك بخصوص رؤيتك السياسية لطريقة تسيير العاصمة الاقتصادية؟
بالنسبة لتسيير الدار البيضاء بصفة عامة لا ننكر العمل الجبَّار الذي تمَّ على مراحل، إنما المُلاحظ هو أن المرحلة الأخيرة بدون مُجاملة مع محمد ساجد كانت الأفضل، وهذا راجع لعدة عوامل مؤثرة إضافة إلى طبيعة شخصية محمد ساجد التي لعبت أيضا دورا مهما، ومن بين هذه العوامل تفعيل وبلورةla charte communale أي "الميثاق الجماعي"، الذي أصبح معه من الممكن إنشاء شركات تابعة للبلدية، وهذا الأمر لم يكن مُمكنا في السابق، وهي شركات يُمكن أن تُسيِّرَ خدمات عمومية مثل النقل وتجهيز وتهيئة مدينة الدار البيضاء في إطار التعاقدات مابين القطاع العام ومجلس المدينة، وهي إجراءات ومساطر تضمن التمويل إلخ..، إضافة إلى برمجة Schéma directeur urbain أو "المخططالمديري للتهيئة"، وle plan de déplacement urbain أي "الإستراتيجية الوطنية للتنقلات الحضرية"، وهي وسائل ووثائق يمكن معها معرفة وضعية المدينة على مستوى التنمية والتطور وما ينتظرها من جهود ومبادرات في الميادين المعنية، فتطوير مدينة الدار البيضاء يمر على مراحل. الدار البيضاء تستقبل 100 ألف فرد في السنة دون احتساب الوافدين من خارجها إضافة إلى نموها الديمغرافي الداخلي، الدار البيضاء لم تكن تتوفر على وثيقة "المخططالمديري للتهيئة" منذ المخطط الذي تركه "ليوطي" إلى غاية المخطط الذي وضعه محمد ساجد، ولم يكن لها أيضا إستراتيجية واضحة للتنقلات الحضرية، ولم تعرف مخطط المدن الجديدة إلى غاية السنين الأخيرة ونذكر من بينها (مدينة الرحمة ومدينة زنانة إلخ ..).
ماهي الصفات والمؤهلات التي ترى أنها من الواجب أن تتوفر في المنتخبين الذين سيتقلدون مهمة تسيير البيضاء محليا و جهويا دون الحديث عن الذين سبق وأن راكموا تجربة مسؤولية التسيير الجماعي والجهوي بها؟.
سوف أتكلم بخطاب صعب شيئا ما على الممارس للسياسة، اتجاه الدولة كان دائما يسير نحو منح تمثيلية بأقل فعالية مُمكنة للمنتخب، مثلا : إذا تكلمنا على أصغر جماعة بدولة فرنسا سوف نجد أن رئيسها مهنته (ساعي بريد أو صاحب مخبزة أو ميكانيكي قديم) على العموم شخصية لها مكانة مُحترمة بين الناخبين، لكن من يسير الجماعة يكون إطارا من مدرسة المهندسين أو المدرسة العليا للإدارة، لماذا؟ لأنه ليس معقولا أن يشرف منتخب لا تتوفر فيه (المؤهلات العلمية والتقنية أو غير مفروضة عليه) على إطلاق وتنفيذ طلب العروض الخاصة بالنقل وتسيير المجال البيئي وتنمية الجماعة. في نظري المنتخب يجب أن يكون محبا للمدينة وغيورا عليها، أن يكون قريبا من الناس أن يكون حاملا لرؤية مثلا (مدينة خضراء إيكولوجية إلخ ..) فهو لا ينفذ. ولابد أن أشير نموذج هذه الجماعة الصغيرة بفرنسا لديها إطار يتقاضى نفس الراتب المعمول به في السوق، والجماعة هنا تعلم الميزانية التي ستأتيها من الداخلية كل سنة إلى غاية 2030 مثلا، إذن يمكنها أن تنفذ الاستمارات على مدى خمس سنوات و10 سنوات، فتتم برمجة مثلا بالنسبة للنقل الخط الأول في سنة الأولى والخط الثاني في السنة المقبلة، في المغرب إلى حدود 2011 وما وقع من مراجعة للميثاق الجماعي وتغيير رؤية دور المُنتخب والمؤسسات، كان المُنتخب يصلح فقط للعتاب والسَّب، لم تكن لديه الأطر الكافية، لأن قانون الوظيفة العمومية لا يسمح له بجلب تقني بأجر أعلى من راتب المهندس بـ 6000 درهم، والمهندس عندما يحصل على هذا الراتب يمكن أن لا يكون نزيها لأن هذا الراتب هزيل مقارنة مع المهمة التي يتكلف بها، المنتخب أيضا ليس لديه فكرة على حجم الميزانية وميقات التوصل بها.
لكن هناك ازدواجية في الخطاب نسمعها بعد مرور كل ولاية على لسان المنتخبين بعد الوعود والعجز عن تنفيذها وهي متعلقة بكلمتين رائجتين بكثرة : تغيير العقلية وغياب حسن النية. ما تعليقك على أصحاب هذا الطرح؟
مع كامل حسن نية المنتخب الذي يريد أن يشتغل بصدق، لكن نعلم جيدا أن ليس لديه الوسائل العملية لتنفيذ وعوده والإمكانيات محدودة جدا. الآن الوضع تغير مع انفراج الأمور والمرونة التي أصبحت تتعامل بها السلطة، حيث كان في القديم الأمر بيد العمالة أو مصالحها مع تفضيل مهندس الجماعة على مهندس الجماعة، المرونة حاليا متعلقة بإصلاح الميثاق الجماعي وتمكين المنتخب من بعض السلط، إذ يُمكن أن يكون مديرا عاما يعينه الوالي أو العامل ويمر من قانون الوظيفة العمومية الخاص بالوزارات وليس الجماعات المحلية، يعني يمكن أن يحصل على راتب 15000 درهم أو 20000 درهم ويكون خريج مدرسة عليا لديه دراية بالمجال الذي يشتغل فيه، وللأسف بعض المنتخبين بما فيهم جمعية رؤساء الجماعات اعترضوا على هذا الأمر ورأوا أنه سيسحب البساط من تحت أرجلهم، ولكن لم يفهوا أن دور المنتخب من روما إلى مكة وصولا إلى الدار البيضاء هو ممثل سلطة معنوية ليس ذو دراية كبيرة بمجال النقل والحافلات ومكان مرور الواد أو القنوات وحجم ضخها للمياه وجمع النفايات ألخ ... المنتخب يمارس تنشيط الأحياء يشرف على افتتاح مشروع يزاول الوساطة المجتمعية. وأخيرا لا يفهم العديد من المواطنين والأحزاب أننا حاليا سنحقق المرور الحقيقي للحكامة الجيدة، والمصطلح الأنسب في العلوم السياسية هو الحكم الرشيد.
في نظرك كيف يمكن تحقيق الحكامة الجيدة أو ما وصفته بالحكم الرشيد داخل برنامج حزبكم؟
الحكم الرشيد فيه المنتخبون يقومون بدور الوساطة المجتمعية حمل رؤية بالنسبة لانتظارات الناس وتراب المنطقة، وتحتهم إدارة قوية تضمن استمرارية الخدمة أي حتى ولو انقضت فترة أو مهمة عمدة المدينة المسرح سيتم افتتاحه والطرامواي ستكتمل خطوطه، المجتمع المدني يجب تفعيل دوره ترابيا من خلال المجالس الجهوية، والدور الثالث هو السلطة والمصالح الخارجية للدولة، لكي نصل إلى كل هذا يجب أن نباشر (الانتقائية والالتقائية) الانتقائية متعلقة بمسألة أن التنفيذ يجب أن يُناط لأصحاب الاختصاص أي شركات التنمية المحلية، والالتقائية مُتعلقة بالانسجام مع السياسات العمومية. هل تعلم أن في إسطمبول من بين شركات التنمية المحلية هناك شركة تصنع الخبز وتجني أرباحا كبيرة للمنطقة، أنا مثلا أفكر في بلورة وتشجيع شركة خاصة بتسيير مسارح البيضاء ( 12 من المسارح) يعبث فيها الغبار إضافة إلى المسرح الكبير، لماذا لا يتم استثمارها باستقطاب (البيغ أو جونيفير لوبيز) وتباع التذاكر بثمن عال، وعند جمع المال تتم دعوة جمعيات المجتمع المدني للاستفادة من العروض مجانا وهنا يمكن الجمع والتنسيق بين السوق الثقافي وبين تنشيط وتنمية المدينة.
بماذا تعدُ ساكنة البيضاء إذا تم اختيارك لتقلد المسؤولية على مستوى الجهة في الانتخابات الحالية؟
الوعد هو إتمام هذه الثورة الهادئة في التسيير الجماعي، ليس من عادتي إطلاق الوعود الكاذبة وأكره "الكذب السياسي" وكل أنواع الكذب، ليس في برنامجي وعودا مضبوطة مثلا : إنشاء 65 حديقة 4 ملاعب رياضية، أو بحر وسط شارع الزرقطوني، هذا بالنسبة لي ليس سوى "التهلال". أولا : الدار البيضاء لديها مشروع تنمية بين يدي صاحب الجلالة وهناك متدخلين عموميين وخواص وقيمته 30 مليار درهم وهو مشروع سائر المفعول إلى غاية 2030، نحن في بلد اسمه المغرب، لا أظن أنه سيأتي غدا عمدة ويغير ما قلته لكي نكون واقعيين، المسألة الثانية : الحل الذي وصلنا له متعلق بشركات التنمية المحلية والدور الجديد للمُنتخب والدور الجديد الذي سيمنح للجهة من خلال التقائية السياسيات العمومية التي تأتي من الرباط لكي والهدف هو أن نحسنها على مستوى الأداء بالتراب المحلي والجهوي، مثلا : الشراكة مع القطاع الخاص منحتنا حديقة سندباد ولم يكلف سنتيما واحدا للمدينة والهدف عموما هو تحسين الوثيرة والأداء.