فيلم "المرسي أبو العباس"، الذي من المنتظر أن يُعرض للمرّة الأولى في القاعات السينمائية المغربية بعد غد الأربعاء، تسرد أحداثه الصراع بين الماضي والحاضر، من خلال بطل الفيلم طارق عبد اللطيف الذي يعيش في جلباب غير جلبابه. إذ ينشر الخير بين الناس ويتصدّق، لاعتقاده أنّه من أحفاد الوليّ الصالح "المرسي أبو العباس". لتأتي بعد ذلك المحطة المفصلية التي يكتشف خلالها البطل أنّه لا ينتمي إلى هذا النسب "الشريف" وأنه من اليهود المغاربة، فيقرّر حينها التوجه إلى المغرب لتبدأ رحلة البحث عن حقيقته وهويته الضائعة.
بين المغرب ومصر
مدة الفيلم ساعة وأربعون دقيقة، وقد استغرق تصويره ستة أسابيع بين المغرب ومصر، وهو مأخوذ عن قصة الدكتور عاطف عبد اللطيف. بلغت تكلفته الإنتاجية أربعة ملايين ونصف المليون جنيه مصري تقريباً، أي ما يزيد عن 600 ألف دولار أمريكي.
طارق عثمان، منتج الفيلم، كشف في حديث لـ "العربي الجديد"، أنّ "هذا العمل يأتي ثمرة تعاون بين دولتي المغرب ومصر، ويلقي الضوء على العلاقة التاريخية القديمة التي تجمع بين البلدين، والتي يبرز فيها "المرسي أبو العباس"، صاحب المسجد المشهور في مصر، ذو الأصول المغربية، كرمز لهذا العمل". وبرأيه أنّ "اسم المقام سيجذب المشاهد كي يتابع الأحداث بتركيز أكبر".
وهو الرأي الذي وافقه إياه عاطف عبد اللطيف، كاتب قصّة الفيلم، والبطل الرئيسي، الذي أوضح لـ"العربي الجديد" أنّ هذه التجربة الجديدة "تراهن على التعاون والتلاقح الثقافي والفني بين مصر والمغرب من خلال مشاركة فنانين مصريين ومغاربة وأيضاً من خلال استحضار رمزية "المرسي أبو العباس" والانتساب إليه".
إشكالية اليهودي
ونفى عبد اللطيف أن يكون تجسيده لبطل يكتشف نسبه اليهودي مدعاة أيّ حساسية من أيّ جهة كانت: "نظرا لكون العمل يركز على رحلة البحث التي يعيشها الباحث عن هويّته، والمفاجآت الكثيرة التي ستعترضه خلال هذه الرحلة، والتي تعلي في مجملها من قيمة الإنسانية بمعناها الشامل".
وأضاف: "نحن نحبّ الفنّ والمغرب دولة تقدّر الفنّ والإبداع، كما أنّ ما تتمتّع به هذه الرقعة الجغرافية من مناظر طبيعية يؤهّلها لهذا التعاون، خصوصاً أنّ السياحة والسينما باتا عنصرين متلازمين، ونأخذ كمثال على ذلك الدراما التركية التي شجّعت من خلال أعمالها على زيادة نسبة السياحة في بلادها، وتحوّلت فضاءات التصوير إلى مزارات سياحية. لهذا فإنّنا نتوقّع أن يكون لما نقوم به مردود ثقافي وسياحي يحقّق التواصل بين أنحاء الوطن العربي".
المشاغب على الفتيات
من جهته تحدّث الممثل المغربي يوسف الجندي عن دوره داخل الفيلم قائلا: "دوري هو دور مشاغب يغرّر بالفتيات، يتواعد مع فتاة، قبل أن تتركه لتقع في حبّ البطل الآتي من مصر إلى المغرب بحثاً عن هويته وعائلته".
هذا الدور، بالنسبة إلى المتحدث، ليس جديداً، فقد سبق أن تقمّصه في أعمال مغربية، لكنّ الجديد، على حدّ تعبيره "هو الانسجام بين الممثلين المصريين والمغاربة، الذي يعكس بشكل من الأشكال أنّ اللهجة المغربية لم تكن عائقاً أمام تسويق الإنتاج الجيّد، وما دام الفنّ لا وطن له فإنّه يتحتّم علينا، نحن الممثلين المغاربة، أن نشتغل مع الآخر وأن نسوّق للهجة المغربية الدارجة"، أي العامية.
تبادل ثقافي وتعارف
وقال الفنان المصري سليمان عيد إنّ مشاركته في فيلم "المرسي أبو العباس" جعلته يكتشف للمرّة الأولى" "عادات وتقاليد المغاربة عن كثب، إن على مستوى اللباس أو العادات الغذائية". دون أن يخفي انبهاره بطاجين اللحم بالبرقوق "والسفة المدفونة"، مشيرا إلى أنّ "اللهجة المغربية داخل العمل أضفت عليه صبغة مغايرة". وقد عبّر عن سعادته بخوض غمار هذه التجربة برفقة ممثلين مغاربة".
يُذكر أن فيلم "المرسي أبو العباس" سيكون بداية لإنتاج أفلام مصرية مغربية مشتركة، وهو من بطولة نخبة من النجوم المصريين والمغاربة منهم صبري عبد المنعم، ولطفي لبيب وسليمان عيد، ومنار العطار، وعاطف عبد اللطيف، ونورهان وأحمد عزمي. ومن النجوم المغاربة سيشارك إلهام واعزيز ويوسف الجندي ابتسام وكادير وحميد نجاح. والقصّة للكاتب عاطف عبد اللطيف والسيناريو لجوزيف فوزي.