"ماحدها تقاقي وهي تزيد في البيض"، من بين أنسب الأمثلة التي تليق لشباب هذا البلد أن يسقطها على حاله وهو يتلقى يوما بعد آخر صدمات حكومية مزعزعة لضمان استقرار مستقبله. وحتى إن كان من الصعب حصر كم التراجعات المؤسفة التي تفننت زمرة بنكيران في تأثيتها بحياة الأجيال الحالية والمقبلة، فإنه يكفي التركيزعلى آخر ما صرح به وزير التعليم العالي والبحث العلمي لحسن الداودي، حين لم يفته وهو يهنئ مهندسي الدولة بالمعهد الوطني للبريد والمواصلات في حفل تخرجهم، بأن يحذرهم من التفكير لحظة في الاحتجاج أمام قبة البرلمان، طالما أن الرد عليهم لن يكون سوى "العصا والهرماكة". خطاب مثل هذا ليس من تعليق عليه سوى طرحه أمام نقاش عمومي لاستنباط ما بين سطوره، خاصة وأنه يأتي من مسؤول حكومي لم يصل لموقعه بعد أن نام واستيقظ على كرسي وزاري، وإنما بثقة أصوات شعب أمل فيه اليد المساعدة لا يد "السليخ" لمجرد المطالبة بحق من أبسط حقوقه الدستورية.
وبالعودة إلى سبب نزول هذا المقال، يجدر التعريج على الخبر المقلق والرهيب الذي تلقاه أساتذة المستقبل، بعد أن زف إليهم نبأ عدم إمكانية توظيفهم المباشر حتى بعد تلقيهم لسنوات من التكوين. إذ تم إلغاء المرسوم رقم 2_02_854 الصادر في 10 فبراير 2003، والذي كان يقضي بإلزامية توظيف خريجي المراكز التربوية الجهوية مباشرة بعد إنهاء فترة التدريب، وتعويضه بالمرسوم رقم 2_15_588، الذي تمت المصادقة عليه خلال أشغال المجلس الحكومي ليوم الخميس 23 يوليوز الجاري، والذي يجعل الحكومة غير ملزمة بتوظيف خريجي هذه المراكز. ومن ثمة، صار هؤلاء الخريجين مجبرين على الترشح لمباراة ثانية بعد نجاحهم في امتحان التخرج وحصولهم على شهادة التأهيل التربوي للتعليم الأولي والابتدائي والإعدادي والتأهيلي ابتداء من الموسم الدراسي المقبل لاختيارعدد محدد منهم حسب المناصب الشاغرة. وليس هذا فحسب، فللحكومة المزيد في مجال تخصصها "الانتكاسي"، لهذا ارتأت بألا يكون قرارها السابق الذكر معنى إلا وهي ترفقه بتخفيض المنحة المقدمة للأساتذة المتدربين إلى النصف خلال مرحلة تكوينهم، أي من 2450 شهريا إلى 1200 درهم فقط لمدة 12 شهرا، إضافة إلى تحديد 2454 درهم شهريا للطلبة الأساتذة الغير موظفين في سلك التبريز لمدة 10 اشهر عن كل سنة من التكوين.
فهنيئا لنا بحكومة رائدة في قتل الآمال ووأد ما هو مكتسب، دون التردد في خلق وعود ببذور فنائها. أليست فيها من يدعي كونها أكثر الحكومات قربا من الشعب، كما بها من يتوعد المعترضين على إنزالاتها محذرا "اللي دوا يرعف".