في مبادرة نوعية من شبكة رجال الأمن المغاربة بالعاصمة الهولاندية أمستردام، تم تنظيم حفل بمناسبة عيد الفطر لحوالي 1500 مدعو من الشخصيات السياسية، الأمنية والفنية، بالإضافة إلى فاعلين من المجتمع المدني ينتمون لأغلب القطاعات والشرائح الاجتماعية والمؤسساتية.
وللإشارة، فإن الغاية التي استهدفت من خلال تنظيم هذا الحفل، حسب ما استقته "أنفاس بريس" من الشبكة المنظمة، كانت هي تقريب الهوة التي اتسعت بين رجال الأمن الهولنديين وزملائهم المغاربة من جهة، وبين المسلمين بشكل عام من جهة ثانية، بفعل أفعال إجرامية وأخرى إرهابية ضربت أوروبا. كما سُطرت مناسبة للتعريف بالدِّين الإسلامي ومواجهة "الإسلاموفوبيا" التي بدأت تتسلل إلى أكاديمية الشرطة الهولندية.
وفي هذا السياق، شدد الناصر في كلمة ألقاها أمام الحضور، على ضرورة احترام حرية المعتقد وممارسة الشعائر الإسلامية، مع الابتعاد على إلصاق الإرهاب بالإسلام. إذ قال: "أنا رجل أمن مغربي ومسلم، أحافظ على الأمن والاستقرار في هولندا كما يفعل زملاؤنا المسلمون في باقي الدول الأوروبية". ملفتا إلى أنه على الهولنديين وغيرهم أخذ العبرة من البطل المسلم امرابط الذي سقط شهيدا في باريس إثر الاعتداء الذي تعرضت له "شارلي إيبدو".
وأضاف، طبقا لما سجلته "أنفاس بريس"، بأن الأمن هو مهمة الجميع، ومن واجب كافة المواطنين التحلي بروح المسؤولية، واحترام الحريات الفردية والجماعية. في حين دعا أيضا "الإسلاموفوبيين" إلى الكف عن احتقار زملائهم في العمل وداخل مكاتب الشرطة.
أما العميد الأول لشرطة أمستردام "امستل لاند بيتر يأب البيرسغ"، فعبر لـ"ـنفاس بريس" عن سعادته بالمجهودات الجبارة التي قامت بها شبكة رجال الأمن المغاربة لإنجاح مبادراتها، والتي أصبحت حديث كل لسان في هولندا. كما شدد على التآخي والتفاهم بين مختلف الأقليات المتعايشة في المجتمع الهولندي، خاصة وأن أمستردام تعرف تصاعد الإجرام وتصفيات هنا وهناك.
ولم يفت محدث "أنفاس بريس" مطالبة الهولنديين، مسلمين أو غيرهم، إلى التعاون مع رجال الأمن على اعتبار أن استقرار أمستردام هو النهاية استقرار الجميع. مقدما كل الشكر لرجال الأمن المغاربة الذين يسهرون ليل نهار إلى جانب زملائهم لحماية المدينة والمواطنين.
ومن جانبه، قال المحافظ القانوني لمدينة كولمبورخ، فؤاد السيدالي، في رد على سوْال حول القلق الذي مافتئ يتزايد بشأن العنصرية في مكاتب الشرطة ومعاداة المسلمين، بأنه من المؤسف تكرار مثل هذه الممارسات الحاقدة للإسلام والمسلمين في هولندا، مشيرا إلى الحمل على عاتق الجميع لإبعاد هذا الفيروس الذي يهدد التعايش والتسامح الذي عُهد في سنوات مضت بين الهولنديين والأقليات.
واستطرد بأن العنصريين لا يملكون رؤية سياسية أو فكرية، وهم مهزومون أصلا، وما حضور 1500 مدعو في هذا الحفل ومن مختلف الجنسيات إلا دليل على تضامن المواطنين فيما بينهم.
هذا، وكان تدخل فؤاد السيدالي مركزا على دعوة المغاربة إلى المشاركة السياسية لإسماع صوتهم أولا، ثم للتأثير على القرارات السياسية إن محليا، وطنيا أو أوروبيا. وهو الرأي الذي عبرت عنه فاطمة العتيق، الرئيسة السابقة لمجلس مقاطعة أمستردام الشرقية، والمعروفة بمواقفها المناصرة للمرأة المغربية في المجتمع الهولندي، خاصة في ردودها القوية ضد خيرت فيلدرس، متهمة إياه بترويج الأفكار الفاشية وسط المؤسسات النيابية الهولندية. وعلى هذا الأساس، أبدت فاطمة العتيق مساندتها لأهداف شبكة الشرطة المغربية بأمستردام ، ترتيبا على أنها خطوة من الخطوات الهامة نحو الوقوف في وجه "الإسلاموفوبيين"، وإشاعة أواصر الأخوة بين كل فعاليات ومكونات المجتمع الهولندي.
ومن جهة أخرى، فقد تميز الحفل بتكريم عدة فعاليات وأطر نشيطة من مغاربة وذوي جنسيات مختلفة، حتى أن أحد الجمعويين المهاجرين، أكد بأن اللقاء حقق ما لم يحققه السياسيون، بعد أن اجتمع حول موائد الإفطار مواطنون من كل الأقطار، ويعتنقون ديانات متباينة. وهذا في حد ذاته، يقول المتحدث لـ"أنفاس بريس" مكسب لشبكة الشرطة المغربية بأمستردام، وفي الوقت ذاته دعوة صريحة للمسؤولين السياسيين في هولندا إلى العمل بهذه المبادرة وترجمة أهدافها على أرض الواقع، في أفق تحقيق التعدد الثقافي كممارسة حقيقية لا كشعارات انتخابية ضيقة.