قيام الحرب العالمية الأولى للتجارة الإلكترونية

قيام الحرب العالمية الأولى للتجارة الإلكترونية

ناقش تقرير لمجلة "الإيكونومست" ظاهرة حجب الإعلانات على شبكة الأنترنت والموبايل، مما بات يهدد "بيزنس" واعدا كبيرا هو بيزنس الإعلانات الرقمية.

ففي مجال الدعاية هناك مقولة قديمة تقول إن نصف الأموال التي تنفق على الإعلانات تضيع هباء. لكن المشكلة هي أنه لا يعلم أحد اأن هذا النصف.

وكان من المفترض ألا تشكل هذه المسألة مشكلة للإعلانات الرقمية، حيث يمكن بسهولة تتبع أذواق وسلوكيات مستخدمي شبكة الأنترنت، وهم الشريحة المستهدفة من المستهلكين وتصميم الإعلانات بحسب رغباتهم.

غير أن المستهلكين، وعلى نحو متزايد، باتوا يفضلون استخدام تطبيقات لحجب ظهور الإعلانات على المواقع التي يزورونها. وإذا استمر هذا الاتجاه فربما لن تصل نصف الإعلانات إلى شاشاتهم، مما سيهدد نموذج الأعمال الإلكترونية أو الرقمية الذي يحصل فيه المستهلكون على خدمات مجانية في مقابل ضمان المعلنين وصول إعلاناتهم إلى مرأى ومسمع هؤلاء المستهلكين.

وفقا لبعض التقديرات يصل عدد مستخدمي برامج حجب الإعلانات على شبكة الأنترنت إلى حوالي 200 مليون فرد في أنحاء العالم. وتقول Eyeo المنتجة لبرنامج "آدبلوك بلس" -التطبيق الأوسع انتشارا في العالم لحجب الإعلانات الرقمية- إنه قد تم تحميل هذا البرنامج 400 مليون مرة.

يذكر أنه حتى وقت قريب كانت الإعلانات الرقمية -التي تستهلك حصة متنامية من الوقت الذي يمضيه المستهلكون أون لاين- يتم حجبها عن الظهور على سطح المكتب في أجهزة الكمبيوتر الشخصي، لكن الآن يقوم الناس بتحميل تلك البرامج المتخصصة على تليفوناتهم المحمولة أيضا.

وفى بداية ظهورها كان هناك صعوبة في تحميل برامج حجب الإعلانات، ومن ثم اقتصر استخدامها على عدد قليل من أصحاب المهارات التكنولوجية العالية. لكن الآن يمكن بكل سهولة من خلال خطوات بسيطة منع ظهور الإعلانات المزعجة.

ويرى خبراء أن مستخدمي شبكة الأنترنت من الصغار هم الأكثر انزعاجا من مطاردة المعلنين لهم وبمرور الوقت سوف ترتفع معدلات استخدام برامج حجب الإعلانات.

حتى الآن لم يتم تقدير خسائر المعلنين من تلك الظاهرة، ولكن شركة دعاية ألمانية ذكرت أنها كبدتها 9.2 مليون يورو (10.4 مليون دولار) أو حوالي 20 من إيراداتها من الإعلانات الرقمية.

وردا على عزوف المستهلكين عن استقبال الإعلانات الرقمية، بدأت بعض الشركات تتحايل على مستخدمي الشبكة بعرض إعلاناتها، ولكن في شكل مقالات افتتاحية أو عن طريق إرسال رسائل طلب مساعدة مثلما تفعل صحيفة "الجارديان" مع قرائها.

وهناك مواقع رفعت دعاوى قضائية ضد الشركات المنتجة لبرامج حجب الإعلانات. وفى ألمانيا حتى الآن كانت المحاكم في جانب Eyeo وحكمت بأن منتجاتها قانونية. وحتى إذا صدر حكم ضد أي شركة أو موقع لبرامج حجب الإعلانات فلن تتوقف الظاهرة التي تعتمد جزئيا على جهود متطوعين على الشبكة لنشر تلك البرامج بكل سهولة.

من ناحية أخرى يأمل المعلنون أن تتوصل شركات آبل وجوجل، التي توفر برامج تشغيل أجهزة التليفون المحمول وغيرها، من الوصول إلى آلية لمنع تحميل برامج حجب الإعلانات. وكانت جوجل قد تمكنت في عام 2013 من حظر تطبيقات حجب المواقع لشركة Eyeo وغيرها من مزودي تلك الخدمة بزعم أنها أعاقتها عن تشغيل تطبيقات أخرى.

وما بين تطبيقات حجب المواقع ومحاولات التحايل عليها قد تكون التجارة الإلكترونية بصدد الحرب العالمية الأولى لها.