في زيارة لثالث مدينة كرواتية بِعد زغرب، سبليت، حطت بي الحافلة في مدينة دوبروفنيك، المدينة الواقعة على الساحل الأدرياتيكي، والتي تتمركز في نهاية برزخ دوبروفنيك، وهي من اهم المدن السياحية التي يقصدها الأوروبيون من الشرق والغرب ومن كل بلدان العالم، مدينة عبارة عن ميناء بحري وملتقى دوبروفنيك - نيريتفا، لا يتعدى سكانها الخمسين ألف نسمة حسب آخر إحصاء. وقد تم ضم المدينة إلى قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي وكان الايطاليون يسمونها بـ "راغوزا" خلال القرنين 15 و16.
بدأت السياحة في دوبروفنيك تنشط مع بناء أو نزل أطلق عليه اسم إمبريال في عام 1897 محاط بأسوار المدينة القديمة التي تعتبر مفخرة المدينة عموما والكروات خصوصا، وهي بحق مركز تطوير اللغة الكرواتية والأدب وموطن للعديد من الشعراء والأدباء والكتَاب المسرحيين والرسامين وعلماء آخرين. وفي وسط المدينة القديمة، وفي تقاطع بين بيكاريكا وبراكاتا، يقع أعظم وأقدم مسجد في دوبروفنيك، والذي يعود تاريخ تأسيسه إلى حوالي 1878.
ومنذ قرون، أي منذ عهد الجمهوريين، كان المسلمون يمارسون التجارة في دوبروفنيك في عهد العثمانيين والحجاج إلى مكة، وبعد سقوط الجمهوريين انتقلت أول أسرة مسلمة للإقامة الدائمة في دوبروفنيك التي تم إخضاعها إلى المملكة النمساوية. في بداية القرن العشرين كانت الحاجة ملحة إلى اليد العاملة، خاصة بعد توسع الميناء المحلي، وقد عرفت دوبروفنيك تواجد مسلمين من الهيرزيكوفينا للعمل في الميناء، لتتكون معها نواة للجالية المسلمة، حيث كان المسلمون يمارسون صلاحياتهم في بيت كارمه محمدودوفيتش.
وبعد ازدياد عدد المسلمين في المدينة وفي عام 1933 تأسس أول مجلس تمثيلي للمسلمين. وفي عام 1937 تم اكتراء دكان يوسيب كرئيس وتحويله إلى مسجد للأقلية المسلمة آنذاك، وبعدها انتقل المسلمون إلى كنيسة، حيث سمح لهم بممارسة الشعائر الدينية إلى غاية 1941 حتى استقروا بالمدينة القديمة.
موقع "أنفاس بريس" اغتنم فرصة وجوده بهذه المدينة وأجرى دردشة قصيرة مع إمام المسجد السيد سالاكان اف هيريش ومسؤول مجلس المدينة نقل لنا من خلالها وضع الاسلام و المسلمين والأجواء الرمضانية بدوبروفنيك التي تضم حوالي ألف مسلم يمارسون الشعائر بكل حرية وبإمكانهم أيضا تعليم أبنائهم اللغة العربية الفصحى والقرآن بنفس المسجد الذي يفتح أبوابه أيضا لكل السواح كرواتيين وغيرهم، مسجد أناسه متسامحون حتى مع اللباس الصيفي للنساء والفتيات اللائي يرغبن في التقاط الصور أو الاطلاع على الكتب بالجناح المخصص أو تناول قهوة أو شاي بقاعة الاستقبال، حيث كان اللقاء مع الإمام بهاته المعلمة التاريخية الواقعة بالمدينة القديمة التي يتوافد عليها المئات من السواح من مختلف البلاد. إمام المركز الإسلامي الذي يدرس الإسلام بأحد المدارس الكرواتية تحدث لموقع أنفاس"، عن دوره في توجيه حوالي ألف أسرة مسلمة، تستفيد من الامكانات التي يوفرها المجلس من مكان عبادة وتعليم لأصول الدين الاسلامي، وكذلك في الاجتماعات التي تهم الجالية المسلمة في دوبروفنيك ونواحيها، مضيفا أن كرواتيا تحترم أقلياتها، وتاريخ المسجد شاهد على قوله. التحق الإمام سالاكان اف هيريش قبل ثلاثين عاما بدوبروفنيك، وهو متزوج بسيدة هي أيضا مدرسة، ولديه أطفال. ورغم ضيق الوقت فإنه يقوم بالسهر على هاته المعلمة التاريخية ويستقبل المسلمين، والزوار، والسياح ويقدم لهم معلومات وشروحات تهم المجلس من جهة والمسجد من جهة أخرى. وبالرغم من صعوبة اللغة العربية، فإنه يعمل كل ما في جهده لإيصال الخبر والمعلومة التي يأتي من أجلها ضيوفه. "المجلس يفتح الأبواب للزوار والمسلمين معا، وأبوابنا مفتوحة للجميع، يقول سالاكان الذي يعمل ليل نهار لتقديم صورة إيجابية للدين الاسلامي في دوبروفنيك، وهذه الليلة سيفطر المسلمون في المسجد إحياء لليلة بدر، ونحن كمسلمين نعمل من أجل خلق مشروع بناء ثاني معلمة إسلامية على الميناء، لأن الحاجة في ذلك ضرورية أمام تزايد عدد المسلمين في دوبروفنيك". وجوابا عن سؤال يتعلق بأمن المسلمين في المدينة، خاصة وأن الشماليين ينظرون إلى الجنوبيين بنظرة خوف وتردد، قال الإمام إن الجالية المسلمة، لاسيما بعد الحرب في الأربع سنوات المعروفة، كانت تحت رحم المعاناة، أما الآن فالمسلمون في دوبروفنيك يتعايشون مع مختلف الأديان بلا مشاكل