انتقلت الحكومة المغربية من حكومة وزراء البيصارة والسيارة المتواضعة واللغة الوضيعة وشراء الجزر من السويقة إلى حكومة الفايسبوك. ورواد المواقع الاجتماعية ثلاثة أصناف، منهم مهتمون بتداول الأفكار، ومنهم قوم مع كل من يكتب فكرة سطحية، وصنف ثالث هم كتائب مدفوعة الأجر أو هناك من يعدها بأجر من عند الله إن هي سبت وشتمت رغم أن الله لا يقبل مثل هاته السلوكات.
وكنا نعتقد أن الفايسبوك مقتصر على الفئات الثلاث، غير أن فيلم نبيل عيوش "الزين اللي فيك" والسهرة الفنية لجنيفر لوبيز أكدا أن الحكومة أو وزراءها، مع استثناءات لا تنفي القاعدة، ليس لها شغل ولا مشغلة، واكتشفنا أن وزراء الحكومة مثلهم مثل رواد المواقع الاجتماعية، مهتمون أيضا بالفيلم وبأرداف جي لو.
في الواقع اكتشافنا جاء متأخرا، وإلا فإن وزير الشوكولاطة المغادر كان يرد على منتقديه عبر الفايسبوك، كما أن الكوبل الحكومي، الذي أصبح أضحوكة عالمية وتناولته كبريات الصحف الدولية، كان يتبادل كلمات العشق والغزل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولا ننسى أن الوزير عمارة نشر السرير داخل الوزارة عبر الفايسبوك.
حكومة لا هم لوزرائها سوى نشر صورهم عبر المواقع الاجتماعية وهم يأكلون ويجلسون القرفصاء ويتوضأون ويجلسون الأرض ويشترون الجزر ويركبون السيارة الرديئة بينما الفاخرة متروكة ليوم آخر ومناسبة أخرى، ولا هم لوزيرها في الاتصال سوى الستاتوهات في صفحته على الفايسبوك يستنكر من خلالها ظهور أرداف جنيفر لوبيز على شاشة التلفزة بينما لم يتمكن من صناعة تليفيزيون حقيقي، بل أكثر من ذلك أنه عرقل ما هو موجود عبر دفاتر تحملات رجعية ومتخلفة حاولت وتحاول خدمة أجندة أخرى غير العمل الإعلامي.
أين هي الحكومة من القرارات المصيرية؟ أين هي الحكومة من فتوحات المغرب في إفريقيا وهي ما زالت مهتمة بفتوحات الأمويين وعصر السبايا والكبت الجنسي؟ أين هي الحكومة من قضية الصحراء وماذا قدمت لها؟ أين هي الحكومة من قضية التشغيل التي تعتبر اليوم رهانا كبيرا؟ أين هي الحكومة من وعودها التي أطلقتها أمام الناخبين؟ ماذا أعدت الحكومة للمستقبل القريب؟
لنترك الحكومة والإستراتيجية التي لا توجد في مخيلتها ونسألها عما أعدت لاستقبال شهر رمضان الأبرك. فباستثناء الوزير غير الفايسبوكي الشرقي أضريس، الذي اجتمع بالولاة والعمال والمسؤولين قصد تشديد المراقبة على الغشاشين في هذا الشهر الأبرك، فإن بنكيران ترك المغاربة لمصيرهم المجهول، سواء فيما يتعلق بالأسعار أو وفرة المواد التي يكثر الإقبال عليها.
الوزير جاءت من الوزر. أي أن الشخص الذي يكون وزيرا يحمل أثقال غيره. غير أن وزراءنا الذين لا يحملون شيئا لديهم الوقت الكافي ليتسوقوا ويختاروا الجزر والبطاطس بيدهم، ويتبادلوا أطراف الحديث مع الجزار ويجلسوا لساعات أمام شاشات الحاسوب لكتابة التعليقات والستاتوهات، ويعلم الله هل يتبادلون حديثا على الخاص أم لا؟
(°) ملحوظة: العنوان من اختيار هيأة التحرير
عن افتتاحية "النهار المغربية"