فلم نبيل عيوش أثار ضجة ليس في المغرب فحسب وإنما في أي موطن وجد فيه المغاربة، وإن كان يعري واقعا موجودا نشاهده يوميا في شوارع كل المدن المغربية، بل إن ظاهرة العري والمشي في الشوارع بملابس تثير حفيظة المارة موجود حتى في البوادي والقرى، بل التراشق بالكلام النابي الخارج عن اللباقة والتربية التي حرص آباؤنا عليها أخذت تتلاشى وتضمحل وتحل محلها عبارات تخدش بقيمنا الإسلامية.
قد نرفض عرض الفيلم تشبثا بالقيم وتجنبا للفتن، ولكننا في الوقت نفسه نرفض مواقف تجار الدين الذين يحاولون استغلال الحدث والركوب عليه لتجييش المغفلين، تجار الدين وجدوا الشماعة التي يعلقون عليها انتشار ظواهر متعددة وسط شبابنا وشاباتنا متناسين بأنهم جزأ من المشكل لكونهم رهنوا مستقبل المغرب بالقروض في ظرف ثلاثة سنوات من حكمهم وتناسوا التفكير في أسباب الظواهر المسيئة.
بدأوا في مسلسل المضايقات بمنع عرض الفيلم الذي جاء في وقته ليعري واقعا موجودا في الوقت الذي كان عليهم البحث في أسباب انتشار هذه الظواهر في المجتمع المغربي.
قد يتمادوا في خنق الحريات وتجريم المطالبة بالحقوق والتظاهر في الشارع العام واعتقال كل من سولت له نفسه الخروج في مظاهرة للمطالبة بالحقوق والخبز والعيش الكريم.
لنبحث جميعا في واقع المغرب اليوم: بطالة تزداد وشوارع مزدحمة بالمتظاهرين في كل درب وفي كل حارة.. خريجون من مختلف التخصصات يبحثون عن لقمة عيش ولا يجدون سوى عصا المخزن تكافؤهم.
قد نتفق مع الذين يدافعون عن القيم ويعارضون عرض الفيلم لأنه يشجع على الفاحشة، لكننا ندعو في الوقت نفسه بفتح نقاش في كل حارة وفي كل منبر حول البحث عن السبل لمعالجة أزمة الأخلاق التي تزداد حدة.
كشف الحقيقة مر، لكن السكوت عن واقع قد يقودنا لكارثة أخلاقية تمس كرامة الأم والأخت والزوجة، بل كل من ينتمي لهذا الوطن.
هل يمتلك من يسيرون دواليب الحكومة الجرأة لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بتخليق الحياة السياسية أولا والحياة العامة ثانيا.. فليبدؤوا بإلغاء المهرجانات التي تصرف فيها ملايين الدراهم، هذه المهرجانات التي كانوا يعارضونها أيام كانوا في المعارضة ويحاولوا توظيف هذه الميزانيات الضخمة التي تهدر لخلق مناصب شغل لامتصاص غضب الشارع.. أفسحوا المجال للشباب للتعبير عن مشاكله والبحث عن حلول لها وتخليق الحياة السياسية عوض المواجهة بالقمع وبمحاكمات والزج بأبناء الشعب في السجون.
ثم كفى من استغلال هذه الضجة للمزايدات السياسية.