"السيفي النموذجي" لتقوية حظوظ الراغبين في الالتحاق بحكومة بنكيران الثالثة

"السيفي النموذجي" لتقوية حظوظ الراغبين في الالتحاق بحكومة بنكيران الثالثة

في خضم حالة الفوران التي يحدثها موضوع التعديل الحكومي الثالث على الساحة الوطنية، وتناسل التقديرات والتنبؤات حول من سيلتحق بركب رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران بعد أن حسم أمر الأسماء المغادرة. لا يبدو غريبا، بل حتى أنه من باب ترسيخ دولة الحق والقانون أن يطمع أي مواطن مغربي في تولي منصب من تلك المناصب الشاغرة، ويقدم نفسه مشروعا لخدمة البلد وساكنته. غير أنه، وكما لكل مقام مقال، لا يمكن الاختلاف على أن الجلوس على كرسي بجانب بنكيران يقتضي شروطا معينة، والتي بإمكان المتوفرة فيه الدخول "طول وعرض"، على النحو الإيجابي، في التشكيلة، دون حرج أو إحساس بالإقحام لمجرد الإقحام أو أشياء أخرى يبقى العارفون بالشأن السياسي أدرى بها أكثر من غيرهم.

لهذا، لا يبدو، وهذا هو المفترض، ألا يواجه بنكيران صعوبات في إيجاد المناسبين لخلافة محمد أوزين وعبد العظيم الكروج وسمية بنخلدون ولحبيب الشوباني والراحل عبد الله باها، على اعتبار أن له من البدائل ما يكفي ليختار على مهله من يتجاوب مع شروطه من بين قرابة 40 مليون مناضل مغربي. وبطبيعة الحال، تعد أول خطوة لتعرف الرئيس على ميزات المرشحين هي الاطلاع على سيرهم الذاتية، أو بالأحرى "سيفياتهم" تبعا للاصطلاح المتداول في عالم الإدماج الوظيفي. ومن هذا المنطلق، ونظرا لأننا في مغرب خاصيته الاستثناء، التي تنسحب بشكل أوتوماتيكي على حكومته، فإن للأخيرة مطالب استثنائية. وعليه، كان أحد "السيفيات" الذي يعود للصحافي بجريدة الاتحاد الاشتراكي العربي رياض، نموذجا لمن يجد في نفسه القدرة على حمل لقب وزير، بسيارة وسائق وسكن وخدم وتعويضات عن المهام والتنقل وحصانة، وأجر شهري إن أضيف إلى مداخيل ما سبق التأكيد عليه يصل المجموع إلى "اكثر من مائة ألف". وللتذكير فاجتناب ذكر الأجر الإجمالي بالتحديد كان مقصودا احتراما لمشاعر الكثير من المواطنين، مخافة الإصابة بصدمة نفسية، بالنظر إلى أن الفرصة متاحة للجميع، وأغلب هذا "الجميع" تكفي الإشارة له بـ "مائة ألف ريال" لتبلغه الحظ السعيد الذي ينتظره حالة وقوع اختيار بنكيران على اسمه.

ونعود لـ "سيفي" الزميل العربي رياض، للوقوف على تفاصيله التي تضمنت جملة من المعلومات، إن لم نقل تعهدات أيضا، وهنا يكمن التفرد الذي من الممكن أن يقوي به "بروجي مينيستر" تطلعاته، بحيث ساق رياض في معرض سيرته الذاتية، بأنه "لن يتصاحب أو يتزوج من داخل الحكومة"، وبهذا طمأن بنكيران بعدم الانشغال ثانية باحتواء حكومته لمن يُحولون كراسي الاستوزار إلى "كوشة" العرسان، وبدل فتح العيون على مشاكل المواطنين، العمل على شغلها في التسبيل ونظرات الشوق والحنين. كما التزم رياض بـ "ألا يسرط الشوكولاطة من أموال الشعب"، وهنا أيضا نقطة رابحة لهذا المترشح، وإضافة حسنة لعبد الإله، الذي ستتفتق لديه بكل تأكيد من خلال هذا الالتزام، فكرة توزيع كعيبات "الشوكولاطة" كل صباح على وزرائه حتى يتذكرو كلما "سرطو كعيبة" المثل القائل "من رزقك حلِّي ولفلوس الشعب خلّي". أما التعهد الآخر الذي أدرجه العربي رياض، فيخص "لن أحدث بريتشا في مقر الوزارة"، باعثا في الوقت ذاته رسالة ضمنية على كون ما يتوفر عليه المسؤول الحكومي من إمكانيات تجعله في غنى عن تجهيز "قبوس" بوزارته "على عينيك يا بنعدي"، مع أن السلف سبق وأن قال "السترة مزيانة، واللي تبلى يمشي بعيد.. وعين ما شافت، والقلب ماوجع".

هذا، ومما يحفز على أن تكون السيرة الذاتية للرجل نموذجا، وتعميما للفائدة، عدم إغفالها ل"لن أجفف التيران بالكراطة أمام العالم". ليس معنى ذلك أنه سيجففه بشيء آخر أو في السر، وإنما تشديدا على أن التجفيف تحتاجه أولا مصادر الفساد والاختلاسات، وحتى إن كانت ضرورة لاستعمال "الكراطة" فلتكن تكون إلا بمعية "الشطابة" في جهاد "الكراطة والشطابة يا مفسدين حتى لقاع البحر".

وأخيرا، ارتأى رياض ألا يختم سيرته إلا وهو يورد "لن أمسح السما ب ليكة"، ملمحا إلى أن "اللي كاينة يقولها"، على عكس أولئك الذين "كايديروها فين يزلق الجمل" و "كيزيدوها بتخراج العينين"، هذا إن لم يحملون أطرافا ثانية مسؤولية زلاتهم وهم براء منها. كانت تلك إذن معطيات عن "سيفي" هذا المواطن التواق لتفادي ما وقع فيه غيره من مزالق أقامت انشغال الرأي العام ولم تقعده، وجسا في ذات الآن لنبض بنكيران إن كان ذلك "السيفي د موتيفاسيون" قد جاءه على قلبه، أم له رأي آخر.

يبقى فقط على كل من ساقه القدر لقراءة هذه المعلومات الحصرية عن العربي رياض، أن يستفيد منها أكثر من أن "يدير ليها كوبي كولي" ويتقدم بها لرئيس الحكومة، فالجميع يعلم حق كافة المواطنين في النوم والاستيقاظ على مقعد بمكتب وزاري مكيف، لكن هناك داع آخر يفرض أن يتمنى الفرد "تاوزريت" قبل غيره في حكومة بنكيران "نامبر تري"، ليس تعصبا ذاتيا، ولكن مجرد استجابة لما بداخل أي كان من "أنانية مشروعية". والله ولي التوفيق.