حيمري البشير: انتظارات مغاربة العالم من محطة باريس كبيرة تتطلب رسم خريطة الطريق رغم الإكراهات

حيمري البشير: انتظارات مغاربة العالم من محطة باريس كبيرة تتطلب رسم خريطة الطريق رغم الإكراهات

كنا نطمح أن تكون هذه المحطة انطلاقة حقيقية من أجل المطالبة بالمواطنة الكاملة وتفعيل بنود الدستور الذي صوتنا عليه بعلاته، مادام أنه يجسد إرادتنا باعتباره صاحب السيادة ومصدر السلطة والتشريع في البلاد.. لكننا مع مرور الوقت وفشل مجلس الجالية في رفع الرأي الاستشاري للملك وتلكأ الحكومة الحالية، بل وتراجع  بعض الأحزاب السياسية في تسريع تفعيل بنود الدستور، يتأكد للجميع أننا أصبحنا نواجه تحديات كبرى باستحالة تحقيق المواطنة الكاملة في ظل الممارسات التي نفاجأ بها كل مرة من طرف القائمين على تدبير مجلس الجالية .

لقد أصبحنا، وأصبح معنا البرلمان والحكومة، عاجزين عن محاسبة ومطالبة القائمين على مجلس الجالية بالالتزام بما ورد في الظهير الشريف، بل وفشلنا في مواجهة سياسة مؤسسات الهجرة، والتي تمتلك ميزانية ضخمة تستغلها للترويج لسياستها وخطابها.

هذه التحديات لم تستطع الفعاليات المغربية المشتغلة في الإعلام القضاء عليها، لكنه استطاع فضحها، وبالتالي رفع التحدي بمواكبة الجالية وجعلها في الصورة وتعبئتها للدفاع عن حقوقها.

هذا الإعلام الذي يواكب التحولات التي تعرفها بلادنا، وللتاريخ فقط لابد من الإشارة كذلك أن الإعلام يواكب التحولات التي تجري في بلدان الإقامة والمغرب من خلال السياسات التي تنهجها الدولة المغربية فيما يخص تدبير ملف الهجرة.

إن لقاء تاسع ماي في باريز جاء لكشف حقائق عبر عنها مسؤولون ومهتمون بملف الهجرة، أكدوا فيها استمرار الآذان الصماء من أجل رفع الحيف عن مغاربة العالم في تحقيق التمثيلية في كل المؤسسات التي نص عليها الدستور. وتأكد للجميع أن الحكومة ليست لها إرادة في تنزيل الدستور.

وفي ظل هذا الجمود تأتي هذه المبادرة رغم الإكراهات التي تجشمها سواء المنظمون أو المشاركون الذين أتوا من دول عديدة.

لقد قال البعض إننا لن نستطيع توفير شروط النجاح، وأننا لم نستطع إقناع عدد أكبر  للانخراط  في المبادرة بغياب رؤية واضحة.. ولكن الحضور الذين تجشموا تعب السفر ومصاريف مادية كانوا الجواب على هذا اللوبي الذي يخدم أجندة الجهات التي تعارض المشاركة السياسية لمغاربة العالم.

لقد لمست في باريز إرادة حقيقية لدى المشاركين نساء ورجالا بأنه مازال أمل في مواصلة المعركة وتحقيق المواطنة الكاملة.

لم تقتصر الإرادة السياسية فقط في الذين حضروا، بل من خلال التواصل الذي تم مع مغاربة ليبيا والذين طرحوا معاناتهم عبر الهاتف مباشرة من داخل ليبيا لتعذر انتقالهم بسبب استحالة حصولهم على التأشيرة، وكذا بسبب الوضع المتدهور والخطير والذي يتطلب تدخلا عاجلا لأعلى سلطة في البلاد لإنقاذهم. ليس فقط أوضاع مغاربة ليبيا، بل حتى مغاربة إسبانيا وإيطاليا، والتي تفرض تحرك السلطات المغربية على أعلى مستوى بفضل العلاقات المتميزة التي تجمع المغرب مع الاتحاد الأوروبي وبفضل الشراكة المتقدمة مع المغرب ودول الإتحاد .

انتظارات مغاربة العالم من محطة باريس كبيرة تتطلب رسم خريطة الطريق رغم الإكراهات.

خريطة الطريق نريدها أن ترتكز على تحقيق ما يلي:

1- تسريع تفعيل بنود الدستور من خلال مطالبة الحكومة بتسريع دراسة المشاريع المطروحتين في لجنتي الداخلية والخارجية والتنسيق مع كل الأحزاب، وكذا مع جمعيات المجتمع المدني بالخارج من أجل حل توافقي تتم المصادقة عليه.

2- المطالبة بتحديد سقف زمني قبل العاشر من غشت المقبل لإخراج المشاريع المتعلقة بالمشاركة السياسية لمغاربة العالم وتفعيل بنود الدستور.

3- علينا جميعا أن نؤمن بالنقاش الديمقراطي ونتفادى الهيمنة، وأن نكون جميعا واعين بصعوبة المرحلة مادام أن هناك لوبي قوي يمتلك من الإمكانات ولا يرغب في تحقيق مبدأ المشاركة السياسية وتحقيق المواطنة الكاملة، ونتساءل من يقف وراء هذا اللوبي وما حقيقة استمرار مسؤولي المجلس معارضة مشاركة مغاربة العالم  السياسية.

4- يجب التنديد بسياسة الهروب إلى الأمام التي أصبحت تطبع علاقة الحكومة ومؤسسات الهجرة بمغاربة العالم.

5- لا يمكن في ظل التحولات التي تجري في العالم القبول بالمضايقات التي يتعرض لها نشطاء سياسيون ونقابيون وكذا صحفيون وصحفيات. فمصادرة الرأي وحرية التعبير هي عودة لسنوات الرصاص وللممارسات المرفوضة.

6- محطة تاسع ماي هي محطة القطع مع كل أشكال التمييز ضد النساء وإعطاء المرأة حقها الذي ضمنه الدستور المغربي في المناصفة.

7- مطالبة الحكومة بوقف هدر المال العام من طرف كل المؤسسات المهتمة بملف الهجرة.

لا بد من الإشارة في الأخير أن تنظيم الندوة اعترضته إكراهات مادية تكلف بها المشاركون والمجهودات التي بذلت من طرف لجنة التحضير المؤقتة كانت كبيرة وسهرت على توفير سبل النجاح لهذه المبادرة من خلال النقاش الساخن الذي كان والتشنج الذي طبعت تدخلات بعض الإخوة، وكل ذلك كان سوى من أجل أن نكون جميعا في مستوى تطلعات مغاربة العالم وما ينتظرونه من هذه المحطة.