تصنيف مدينة مراكش كأحسن وجهة سياحية في العالم، تصنيف له دلالاته المرتبطة بمجموعة من المقومات، ويعكس بقوة تجدر المنجزات الإنسانية والتراثية بتربة الحوز عبر مسار حافل لمعطيات التاريخ والجغرافيا.. أكيد أن استثمار الإمكان البشري والعمراني والتراثي كان سبيلا أساسيا في التعاطي مع ملف السياحة بمراكش وتصنيف مجموعة من المواقع والفضاءات التاريخية على مستوى المؤسسات الدولية ذات الاهتمام بالتراث الإنساني (منظمة اليونيسكو نموذجا)، لكن مما لا شك فيه أن المقومات الطبيعية (الموقع الجغرافي للمغرب) والحضارية (المواقع الأثرية) والأمنية (مخططات استباقية) قد لعبت دورا محوريا في تصنيف مدينة البهجة كأحسن وجهة سياحية. لكن السؤال الأساس الذي يجب أن تجيب عنه مؤسسة وزير السياحة هو: ما هو فضل وزارة السياحة على تبوئ مدينة مراكش أحسن وجهة سياحية حسب التقارير الدولية؟؟؟
الجواب لن يتطلب مجهودا خارقا بالنسبة للوافدين على مراكش عبر مدخل مدينة أسفي التي تعتبر المنفذ البحري المهم لتبادل الوفود السياحية الراغبة في تذوق طعم السمك والتعرف على شواطئه الجميلة، ومواقعه الأثرية.. لذلك نلح على وزير السياحة بالقيام بزيارة لمراكش عبر طريق أسفي ليكتشف أن هناك العديد من المشاهد التي تخدش صورة أول قبلة سياحية في العالم، حيث سيكتشف أن هذه البوابة السياحية مشرعة النوافذ على مطارح النفايات والأزبال تستقبل الزائرين بروائحها الخانقة، وانعدام علامات التشوير والسير والجولان، ناهيك عن بنية الطرق المتهالكة والكثيرة الحفر، وكأنك ستلج لإحدى القرى المهمشة والمنسية..
ومن جانب آخر، وفي نفس سياق سؤال فضل الوزارة على تبوئ مدينة النخيل وسبعة رجال أحسن وجهة سياحية، يشتكي الكثير من زبناء الفنادق السياحية من المستوى المتدني للخدمات والتجهيزات بالغرف، والنقص الفظيع في توفير بعض مستلزمات وحاجيات السائح المغربي والأجنبي على السواء.. فكيف سيتعامل السائح الذي يجد تلفاز غرفته والمكيف الهوائي معطلان وأفرشة ومناديل الاستحمام متقادمة نخرها الاستعمال المفرط؟ هنا نطرح أسئلة أخرى تفرض نفسها هنا والآن: أين هي مسؤولية وزارة السياحة في مراقبة جودة الخدمات بالمؤسسات السياحية؟ وهل تستحق تلك الفنادق الرديئة الخدمات التصنيفات التي تفتخر بها؟ وكيف تتم عملية التفتيش والمراقبة لضمان استمرارية ذلك الوسام الذي وشحت به مدينة البهجة كأول قبلة سياحية؟
قضية أخرى أكثر أهمية تتجلى في دور الشرطة السياحية على مستوى التواصل مع السائحين وتوفير كل شروط السياحة حضاريا وثقافيا وعلميا وبيئيا وأمنيا، ولن يتأتى ذلك إلا بالانخراط الجدي والوازن لوزارة السياحة في هذه العملية المحورية لتعزيز حضور هذه الفئة التي تلعب دورا مهما في توفير الأجواء السياحية للزائرين مغاربة وأجانب.. فالوقت قد حان للرقي بالخدمات الموكولة للشرطة السياحية وتحفيزها ماديا ومعنويا وتأطيرها بالشكل اللازم من خلال التكوين المستمر والتجهيزات اللوجيستيكية الضرورية بعيدا عن البهرجة والتباهي بأفضال مقومات هبة من الله والتاريخ والجغرافيا المغربية.
ونختم بالتأكيد على أن ملاحظة بعض مكاتب الدراسات الدولية المتخصصة في السياحة تعتبر عين العقل في شأن سياحتنا حيث اعتبرت أن الترويج والتسويق للمنتوج السياحي المغربي لا يرقى إلى المستوى العلمي والتواصلي لتحقيق الأهداف المرجوة وطنيا ودوليا.
فهل وصلت الرسالة يا وزير السياحة؟؟؟