خديجة الرويسي: هدف بنكيران هو تقويض المؤسسات من خلال تقمص دور "البهلوان"

خديجة الرويسي: هدف بنكيران هو تقويض المؤسسات من خلال تقمص دور "البهلوان"

منذ توليه مسؤولية التدبير الحكومي إثر الانتخابات التشريعية لسنة 2011، وحزب العدالة والتنمية يردد، بموازاة سلوكه السياسي، خطابا جديدا من أجل التغطية على مواقف العجز والتردد التي تطبع عمل الأغلبية الحكومية. في هذا السياق يتحدث رئيس الحكومة دائما عن «الدولة العميقة»، وادعاء مسؤوليتها في إفشال برنامجه الحكومي، وعملها على ما يعتبره العدالة والتنمية سعيا شرسا من أجل مواصلة التحكم الفعلي في دواليب الدولة والمجتمع. الأمر الذي يطرح السؤال الحقيقي عن خلفيات الإصرار على تبني هذا الخطاب في سياق تجاذبات العمل السياسي، وعن طبيعة مرجعياته؟ وما هي "الدولة العميقة" التي تسعى فعليا إلى ابتلاع الأمة المغربية؟

أسبوعية "الوطن الآن" في عددها الموجود حاليا في الأكشاك، استقت آراء فعاليات فكرية وسياسية حول هذا الموضوع، ننشر في ما يلي وجهة نظر خديجة الرويسي، عضو المكتب السياسي لحزب "البام".

"أعتقد أن توظيف مصطلحات الدولة العميقة والتماسيح والعفاريت من قبل بنكيران وقيادة حزبه في غير محله، فالهدف منها هو تقويض الدولة والمؤسسات. فلما يصرح بنكيران «خليوني نفشل بخاطري» أو «أنا غي رئيس الحكومة»، «حنا طلعنا الشعب المغربي»، وهي عبارات لها دلالة كبيرة.

فعبارة «أنا غي..» تعني أن القرار ليس بيديه. ثم لما يدخل المؤسسة التشريعية ويستعمل عبارات لا تليق بمقام هذه المؤسسة والقهقهات.. هدف بنكيران هو تقويض المؤسسات من خلال تقمص دور «البهلوان»، وهو يدرك تماما أين يتجه والأهداف المرسومة، وكل هذا بحثا عن تواصل أفضل. فرغم وجود ما يكفي من الذكاء في صفوف الشعب المغربي، فهناك أيضا ما نعانيه من أمية وجهل ومن نشر الفكر الوهابي والفكر الإخواني، إضافة إلى تعامل بنكيران مع أحزاب أغلبيته كتابعين وليس كحلفاء..

إذن هذا المشروع له أركان، وإذا لاحظتم فلديهم علاقات بأكبر شركات الاتصال في المغرب.. وإذا كان بنكيران يتحدث عن الشفافية والحق في الولوج إلى المعلومة فليكشف لنا عن الميزانية المخصصة للاتصال داخل حزبه.. إنها ميزانية ضخمة تكشف عن أهداف مبطنة، لكننا واعون بخطورتها. فلما يخرج الريسوني بتصريح «قتال داعش حرام» يخدم من في هذه الحالة؟

إذن خطاب أن «المسؤولية ما عندوش» خطاب لا محل له. فالمصداقية المعنوية إن كان يتوفر عليها تفرض عليه الانسحاب من الحكومة. وأنا أقول إن المغاربة قدموا من التضحيات ما يكفي، فقد وقفنا في هيئة الإنصاف والمصالحة على مآسي الماضي، وأعتقد أن المآسي مع «هؤلاء» ستكون أكبر من مآسي الماضي، إذا لم يتم التحلي بيقظة حقيقية. إذا افترضنا وجود ما تسميه قيادة حزب العدالة والتنمية "دولة عميقة" وفساد، ومادام حزب العدالة والتنمية قد قرر الصعود إلى حكم البلاد من خلال صناديق الاقتراع التي منحتهم المرتبة الأولى فلا يمكن نفي جهلهم بهذه الأمور قبل صعودهم إلى الحكم. وبالتالي فالبرنامج الذي وضعوه في الإطار كان يستهدف التصدي لها.

بعد ثلاث سنوات يبدو أن هناك فشلا ذريعا، فهم مازالوا يرددون نفس الخطاب مثل الببغاء، في الوقت الذين كان من المفترض أن يعلنوا بكل جرأة فشلهم في تسيير مقاليد الحكم بسبب افتقادهم للكفاءة أو التصريح بكونهم «ليسوا هم من يحكمون»، وفي هذه الحالة ينبغي عليهم تقديم استقالتهم حفاظا على نزاهتهم المعنوية.

الاحتمال الثاني: في كل مجتمعات العالم نجد لوبيات إما اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية، ومسؤولية الدولة هي إدارة هذه المصالح، من خلال القضاء على الرشوة والفساد وإقرار الحكامة الجيدة التي لا يمكن أن تتحقق فقط من خلال الملصقات التي وضعوها في الشارع «واياك من الرشوة»، كما لو أن المواطن هو المسؤول عن تفشي الرشوة. وماذا عن إصلاح الوظيفة العمومية؟

فمنذ خمس سنوات وأنا أطالب بإصلاح المدرسة الوطنية للإدارة باعتبارها أولوية الأولويات، كما أنها إستراتيجية في إصلاح الدولة. وكم رفضت الحكومة الحالية من ميزانيات لفائدة المدرسة الوطنية للإدارة العمومية إما بسبب الجهل أو انعدام الكفاءة أو بسبب التورط في استمرار الفساد.

فالإدارات العمومية هي واجهة الدولة ابتداء من الجماعة إلى المقاطعة، فالولاية ثم القضاء، الصحة.. يعني إدارة قوية تضمن استمرارية الدولة".