حينما حطت قافلة المخطط الأخضر للمجمع الشريف للفوسفاط بإقليم اليوسفية، وقدمت آنذاك العديد من الشروحات والبيانات والتفسيرات حول أهمية النهوض بالعالم القروي فلاحيا وزراعيا وضرورة انفتاح الفلاح الحمري على جديد الأسمدة وتقنيات الحرث وأنواع الزراعات التي يمكن الاعتماد عليها محليا، لم ينتبه أحد للمشاكل المرتبطة بالقطاع الفلاحي بمنطقة أحمر، وخصوصا على مستوى استثمار الفرشة المائية وتسريع وتيرة تنفيذ مشاريع السقي بالتنقيط التي طالها النسيان بمكاتب وزارة أخنوش بمندوبية الفلاحة بأسفي.
يتحدث الكثير من ساكنة منطقة احمر بإقليم اليوسفية عن المخطط الأخضر الفلاحي بحسرة كبيرة نظرا للتسويف والمماطلة التي تطبع نوع المعاملة الإدارية بالشباك الوحيد المفروض فيه استحضار الظروف والمستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئي لذات الساكنة عامة وفلاحي منطقة أحمر خاصة، حيث أكدت مجموعة من مصادر "أنفاس بريس" أن ملفات مشاريعهم المرتبطة بدعم سقي أراضيهم بتقنية الري بالتنقيط تم تجميدها لمدة سوات، رغم استيفائها لشروط الدعم، تماشيا مع رغبة وزارة الفلاحة في تعميم المخطط الاخضر الفلاحي.
وبنبرة تهكمية قال أحد المتضررين من تجميد ملف مشروعه مدة ثلاثة سنوات لـ "أنفاس بريس": "حينما يتم الحديث إعلاميا عن اللونين الأحمر والأخضر باعتبارهما متناغمين ومتناسقين ومكملين لبعضهما البعض على مستوى الروح الوطنية يتجسد ذلك في حب الوطن ورايته، ويرفع إيقاعهما في التنافس الرياضي بين الرجاء والوداد لتلتهب مشاعر الشعب كرويا، لكن للأسف يتم فصلهما (اللون الأخضر والأحمر) على مستوى المخطط الأخضر الفلاحي بأراضي و تربة أحمر"...
وقد علمت "أنفاس بريس" أنه منذ انطلاق الترويج للمخطط الأخضر، تجند العديد من فلاحي منطقة أحمر رغم بساطة مستواهم المعيشي وسارعوا لتقديم ملفات مشاريعهم الفلاحية للمعنيين بالأمر بإقليم أسفي وتفاعلوا بشكل إيجابي مع الشباك الوحيد للمندوبية الإقليمية للفلاحة (مازالت عمالة اليوسفية بدون مندوبية للفلاحة لتقريب الإدارة من الفلاحين).. لكن حسب المعطيات المتوفرة لـ "أنفاس بريس" فهناك بعض المشاريع قد طالها النسيان والإهمال، حيث يقول المواطن الحمري هدي "لقد قمت بحفر البئر وسط أراضي الفلاحية، وتأكدت من توفر المياه الكافية لضمان نجاح المشروع... لكن إلى حدود اليوم ما زالت الأرض تنتظر الإفراج والموافقة على الدعم لاقتناء التجهيزات والحاجيات الضرورية لمشروع الري بالتنقيط".. ويتابع المصدر نفسه قائلا: "لقد استبشرنا خيرا بالمخطط الأخضر وبما كان يصرح به الوزير أخنوش في التلفزة، واعتبرنا أن منطقة احمر سيمتد لها الاخضرار على تربتها الحمرية، وبنينا أحلامنا الفلاحية والزراعية على أمل الاستفادة من الدعم المخصص لهذا الغرض في أفق محاربة الهشاشة والفقر والجفاف والهجرة القروية نحو المدينة".. لكن العكس هو الذي حصل، حيث يضيف الهاشمي مؤكدا "كلفني حفر البئر للوصول إلى عمق ومنبع المياه التي سأستثمرها في سقي منتوجاتي الزراعية مستقبلا الأموال الطائلة، فضلا عن تكاليف إنجاز وثائق ملف المشروع ودراسته ومصاريف التنقل ذهابا وأيابا لأسفي عدة مرات ليظل الحال على ما عليه مدة سنوات".
وترى بعض الفعاليات العاملة في الحقل الجمعوي بالمنطقة أن مثل هذه السلوكات التي يتعامل بها الشباك الوحيد والقائمين على الشؤون الفلاحية بأسفي ترهق كاهل فلاحي المنطقة البسطاء، وستدفع بهم نحو المجهول، إذ أن البعض منهم أضحى يفكر في التخلي عن مشروعه والرحيل من أرض أحمر. واستغربت الفعاليات نفسها لعدم التجاوب مع مطالب فلاحي أحمر الفقراء اعتبارا لوضعهم الخاص جدا وإثقال ملفاتهم بوثائق كثيرة تتداخل فيها مصالح الطوبوغرافية والتعمير لإنجاز تصاميم بناية مستودع آليات الضخ ومصالح وضع قنوات الري وتوزيع التنقيط بالماء على المزروعات والمغروسات، علاوة على فواتير الحاجيات والتجهيزات الاساسية لمشاريع السقي بالتنقيط كل هذا من أجل الحصول على دعم يقدر ب 5 أو 6 ملايين سم للهكتار الواحد حسب المصادر ذاتها. معتبرة أنه بإمكان المسئولين النهوض بالأوضاع الفلاحية والزراعية بمنطقة أحمر إن تم التعامل مع مطالب الفلاحين الحمريين بنظرة وطنية تروم استثمار الكفاءات والقدرات الشبابية التي استطاعت أن تنفتح على عالم المعرفة الفلاحية بعد أن تيقن الجميع أن ثلاثية الأرض والشمس والماء قادرة على خلق مجتمع زراعي منتج، خصوصا أن هناك مجموعة من المنتوجات والأغراس المثمرة أضحى الفلاح الحمري يؤمن بمردوديتها وتحسين وضعه الاجتماعي، كالزيتون وشجر التين والعنب وزراعة القطاني والنباتات العطرية كالشيح والزعتر ومرددوش والنعناع، ناهيك عن فواكه الصيف الفلاحية كالبطيخ بكل أنواعه.
فهل سيتدخل وزير المخطط الأخضر الفلاحي لملائمة أراضي وتربة أحمر الطيبة؟