في بلاغ صادر عن المجلس الإداري للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، المنعقد يومي 19 و 20 يوليوز 2013، نجد ما يلي: "مطالبة الجهات المسؤولة التعجيل بتطبيق قرار الجمع العام بتاريخ 25 يونيو 2011 القاضي بمراجعة قيمة الاشتراكات... ويحملها مسؤولية العواقب الناجمة عن عدم تفعيل هذا القرار القانوني والتي تنعكس سلبا على التوازنات المالية للمؤسسة وعلى ديمومة و استمرار خدماتها".
فمن المعلوم أن الجمع العام لـ 25 يونيو 2011 لم يحض، في إبانه، بأي تزكية من سلطات الوصاية الحكومية، بل اعتبرته باطلا وما ترتب عنه باطل أيضا، وذلك بواسطة المراسلتين الصادرتين عن وزارة المالية تحت رقم 13.6359 بتاريخ 12 أكتوبر 2011 ورقم 133110 بتاريخ 23 ماي 2011، وكذا بواسطة رسالة وزارة التشغيل رقم 2278/11/م ح ج ع بتاريخ 26 أكتوبر 2011.. وبناء عليه طلبت الوزارتين كتابيا من رئيس التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية عدم عقد جمع عام بالطريقة التي عُقد بها بمدينة مراكش يوم 25 يونيو 2011، وذلك بسبب حيثيات فصلتها المراسلات المذكورة، واعتبرت باطلا ما صدر عنه.
غير أننا نفاجأ بصدور قرار مشترك لوزيري التشغيل والمالية نشر في العدد 6325 من الجريدة الرسمية بتاريخ 12 يناير 2015 "بالموافقة على التغييرات المدخلة على النظم الأساسية لجمعية التعاون المتبادل المسماة التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية"، وهي التعديلات التي اتخذت خلال الجمع العام غير القانوني الذي انعقد بمراكش يوم 25 يونيو 2011 ضدا على قرار وزارتي التشغيل والمالية القاضي بعدم شرعيته.
ومع نهاية شهر فبراير 2015 فوجئ الموظفون المنخرطون في التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية باقتطاعات، دون سابق إخبار، ليتبين أنها الزيادات في قيمة الانخراطات الشهرية. وتمس الزيادات الموظفين والعاملين في المؤسسات العمومية وشبه العمومية والجماعات المحلية، لتنضاف إلى الأحمال الثقيلة التي ينأون بها منذ سنوات.
إن هذه الزيادات تسائل جميع التنظيمات النقابية عن غياب مشروعيتها، وتلقي بالتالي على عاتقها مسؤولية الوقوف في وجه نهب جديد للأجور الهزيلة لعشرات آلاف الموظفين المنخرطين في التعاضدية العامة. فهل ستكون في المستوى وتقف في وجه هذا النهب الممنهج والتفقير المستمر للفقراء... نهب يضاف إلى تبذير أموال المنخرطين بعيدا عن مصالحهم وعن مقاصد النظام التعاضدي؟
ومما يزيد الأمر غموضا، قد يصل حد الغموض المفتعل والمرغوب فيه، لنكون إزاء حالة من التدليس على منخرطي هذه التعاضدية، وهو ما يعني أيضا أننا إزاء تزكية لقرارات غير شرعية صادرة عن أجهزة غير شرعية، ارتكبت تجاوزات سجلها رسميا تقرير للمفتشية العامة لوزارة المالية رقم 4946 الصادر سنة 2013، والتي تولت افتحاص التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية.. ومنذ أن خرج هذا التقرير إلى العلن، والماسكون بخناق هذه التعاضدية يحاولون مراوغة مضامين التقرير وتغطية شمس حقائقه الثابتة بغربال لغة الخشب "والطلوع للجبل" بادعاءات كاذبة عن التقرير.
لكن ما الذي يجعل وزارتين وصيتين على التعاضديات تتنصلان من مواقف مسجلة في أرشيفهما، ضاربتين بقرارهما المشترك المنشور في الجريدة الرسمية عرض المشروعية، وبالتالي ضاربتين بذلك مبدأ استمرار المرفق العمومي، وهما بذلك تزكيان خروقات صارخة للضوابط التي ألزمها المشرع بالسهر على تطبيقها وزجر من يخرقونها؟؟
أما الخطورة الأفظع فهي إثقال كاهل المنخرطين، الذين يفوق عددهم 375 ألف، ومنهم نسبة كبيرة من صغار الموظفين، بزيادات صاروخية سيفاجأون بها تجهز على قدرتهم الشرائية باقتطاعات غير قانونية اتخذت من لدن إطارات غير شرعية، ويلف الغموض المفتعل والمقصود تفاصيل القرار المشترك والصيغة التي نشر بها.