بنكيران يتحالف مع عيسى حياتو لنسف كرة القدم الوطنية

بنكيران يتحالف مع عيسى حياتو لنسف كرة القدم الوطنية

أي معالجة لملف المغرب والاتحاد الإفريقي يجب أن يكون عقلانيا منطقيا وبعيدا عن العاطفة. فبعد أن أعلن الكاف عن قراراته وعقوباته الرياضية والمالية ضد بلادنا كان من حق المغرب اللجوء إلى المحكمة الرياضية الدولية لرفع الضرر.

لنبدأ الحكاية من خيوطها الأولى. فالرأي العام الوطني الذي كان يمني النفس بمتابعة كأس إفريقية على أرضه. وبعد أن تم تعيين ناخب وطني هو بادو الزاكي ظل يطالب به منذ سنين، يفاجأ بقرار طلب تأجيل تنظيم منافسات هذه الكأس إلى وقت لاحق بسبب الخوف من تفشي مرض إيبولا. وقد أظهر الوزير المعفى بعد فضيحة «الكراطة والجفاف» محمد أوزين حماسا زائدا للدفاع عن القرار الحكومي القاضي بالتأجيل، وها هو المغرب يؤدي عنه الثمن غاليا. فحتى لو كان مقبولا أن تتقدم وزارة الشباب والرياضة بطلب التأجيل، فإن التسويق الإعلامي للقرار كان يجب أن يعود لوزارة الاتصال وللناطق الرسمي باسم الحكومة، لأنه قرار حكومي وليس قرارا لوزارة الرياضة. بل إن الوزير إياه أوهم المغاربة بأن عيسى حياتو ولجنته التنفيذية بالكاف سيرضخان لطلب المغرب، فإذا بنا نتلقى ضربة أولى موجعة برفض طلب التأجيل ونقل تنظيم الكأس إلى دولة غينيا الاستوائية.

وعلى كل حال، فإن منافسات الكأس لو لم تنتقل إلى غينيا، فإنه كان مقدرا لها أن تغادر مدينة الرباط، لأن فضيحة الملعب وقعت في شهر يناير، وكان مفروضا أن يحتضن مباريات الكأس في شهر يناير. بل هناك من يضع هذا المعطى في التحليل من أجل التغطية على فضيحة الملعب التي إن لم تنفجر في مباراة المونديايتو، فإنها كانت ستطفو لو لم يتقدم المغرب بطلب التأجيل.

ويتساءل في هذا السياق عدد من المتابعين للملف، ومنهم حكيم دومو، العضو الجامعي السابق، عن عدم لجوء المغرب إلى المحكمة الرياضية بعد سحب التنظيم منه، وظل ينتظر قرارات الكاف لعلها تكون رحيمة به. لكن الصدمة كانت مدوية بحرمان المغرب من المشاركة في دورتي 2017 و2019 وأداء مبلغ ثمانية ملايين أورو وعقوبات مالية أخرى. وكما تم إبعاد وزارة الاتصال عن التدبير الإعلامي، تمت أيضا إزاحة الجامعة الملكية المغربية عن المشهد، علما بأنها هي العضو والمخاطب داخل الكاف. ولم تظهر الجامعة في الصورة إلا بعد إعلان قرارات الاتحاد الإفريقي ونظمت ندوة صحافية من إطلاع الرأي العام على مستجدات الملف وأهمها اللجوء إلى المحكمة الرياضية. وهي الندوة التي لم تعقد في أوانها لشرح طلب التأجيل، ولم تعقد أيضا بعد الإعلان عن قرارات الكاف للاعتراض والاحتجاج عليها.

وهكذا ظل المغرب في جميع المراحل في قاعة الانتظار يقوم فقط برد الفعل، عوض أن يبادر ويشرح ويقنع أولا الرأي العام الداخلي قبل الخارجي. وانضاف إلى متاعب الكرة المغربية في هذا الظرف الحرج، الخروج الإعلامي غير المبرر لرئيس الحكومة في لقاء حزبي وإقحامه لخلافه السياسي مع بعض مسؤولي فريق الوداد الرياضي، مما دفع مكتبه المسير إلى الاحتجاج ورفع شكوى إلى الجامعة، وبالتالي تضامن مسؤولي الفرق الأخرى معهم. بل إن رئيس الجامعة الذي يشترك مع رئيس الوداد في الانخراط في صفوف حزب التراكتور أعلن في لقاء صحافي أنه كان قريبا من اتخاذ قرار توقيف البطولة الاحترافية لولا اعتذار  بنكيران. وعلى أي حال، فهذا إضعاف للموقف المغربي في مواجهة الكاف خلال هذا الظرف الحرج الذي أصبح فيه العالم يتابع كل صغيرة وكبيرة.

ففي الوقت الذي كان من المفروض أن تتوحد جهود الجميع، حكومة وجامعة وإعلاما، للدفاع عن ملف المغرب، ولو بما تشوبه من شائبات، تابعنا صراعا أشبه بصراع الديكة. فلو نفذ الرئيس لقجع قراره بتوقيف البطولة فبأي خطاب سيواجه المدافعون عن الملف المغربي محكمتي لوزان وباريس؟ وماذا كان سيقول حياتو والمحيطون به لرئيس الجامعة "أنا أوقفت منتخبك عن المشاركة الأفريقية وأنت جمدت منافساتك المحلية"..

إنها قمة الاستهتار بمشاعر المغاربة الذين يعشقون كرة القدم التي تخرجهم إلى الشارع للتعبير عن أفراحهم بإنجازات الفريق الوطني. فلو نفذ الرئيس لقجع قراره، كان من المنتظر أن يتدخل الاتحاد الدولي فيفا لإنزال عقوبات أخرى لأنها ستعتبر مواقف رئيس الحكومة تدخلا حكوميا وهو ما يمنعه الاتحاد، وحينذاك ستدخل بلادنا معركة أخرى ضد جهاز أصلب وأقوى وضد رئيس ثعلب داهية
هو بلاتير.

ملف المغرب الآن أمام المحكمة الرياضية بمدينة لوزان السويسرية وأمام المحكمة التجارية بمدينة باريس الفرنسية، وستعرف قراراتهما قبل مرور شهر من الآن. لكن الأهم هي الدروس التي يجب أخذها من هذه الأزمة... من فضيحة الملعب إلى التدبير الفاشل لملف طلب التأجيل إلى الانتظارية التي طبعت المعنيين بالأمر.

الدرس الكبير هو أن الرياضة فعل حاسم في زمن السوق والعولمة والصورة.. هي مجال واسع يستحق الاستثمار فيه على مستوى البنيات التحتية وعلى مستوى التكوين في مجالاته المختلفة. فالرياضة تعطي الاختيار لنا: هل نريد منها وسيلة للزهو والافتخار بأبطالنا، كما عشنا ذلك مع عويطة والعيناوي والمنتخب الوطني في مناسبات.. أم أداة للسخرية والفضيحة كما قاسينا من ذلك مع «الكراطة والجفاف»!؟