هل الحمض النووي للشرفاء يتطابق فعلا مع جينات الرسول الكريم؟

هل الحمض النووي للشرفاء يتطابق فعلا مع جينات الرسول الكريم؟

أصبح الانتساب إلى النبي عليه الصلاة والسلام بما يفرضه ذلك من نبل في الأخلاق والسمو في الدرجات والمكانة العالية، وسيلة من وسائل الاستغلال، وأصبح لقب «الشريف أو الشريفة»، عند البعض بمثابة «جواز مرور»، وتحول الشريف الذي يقابل مصطلح النبيل في أوروبا، والمتعفف والمتواضع، إلى نصاب وكذاب ومستغل ومبتز.. كيف سيكون رد فعل الفقهاء والعلماء إذا تقدم أحدهم بطلب إجراء اختبار الحمض النووي  ADN لجزء من الجسد الطاهر للرسول عليه الصلاة والسلام، من أجل مقارنته ووضع حد لمن يدعون كذبا الانتساب إليه صلى الله عليه وسلم؟

قد يبدو هذا الطرح غير معقول أو مسيئا للرسول عليه الصلاة والسلام، وقد يقوم بعض العلماء بجهل أو قصد بشن حرب فقهية ضد من يطرح هذا الأمر، وقد لايكون من المستبعد أن يفتى بخروجه عن الدين..

لنأخذ هذا الطرح على صورته الإيجابية وبهدوء وروية، مادام لم يصدر أي تكذيب من هيئات العلماء على الصعيد الوطني أو العالمي بشأن ما تتضمنه متاحف تركيا وألمانيا، «شعرة رسول الله صلى الله عليه وسلم»، فهذه الخبرة العلمية، ستكفينا هذه الحروب من حيث الانتساب للشجرة النبوية والطعن فيها من قبل البعض.. إذ يكفي أن يتكلف مركز علمي مشهود له بإجراء تحاليل الحمض النووي على هذه الشعرة، وتصنيفها، وفق رمز معين، سنكون أمام تعليل علمي دقيق لمن هم ينتسبون حقا أو كذبا للرسول عليه السلام، حيث أثبتت الدراسات العلمية أن  اختبارات الحمض النووي لها دور كبير في محددات السلالة البشري، أو ما يعرف بأعمدة النسب للأفراد والأسر والقبائل، ومن شأن اللجوء إلى هذه الطريقة العلمية أن ينسف معطيات تاريخية بنيت على مفاهيم نسبية ومزاعم قبلية، بل وعن تفاخر وتعصب، وقد يجعل من هذه القبيلة التي طعنت في نسب قبيلة أخرى من نفس الخلية البشرية.. قد يقول قائل إن هناك علم قائم وهو ما يعرف بتحقيق الأنساب، فهو يبقى اجتهادا تتناقله الأجيال، قد تعترضه العديد من الصعوبات، وتتحكم فيه خلفيات فكرية وسياسية، حيث يتحدث عدد من الباحثين عن إقصاء شريحة واسعة من الشرفاء في التاريخ، وهو ما حدث عند تداول السلاطين في المغرب، خصوصا بين العلويين والسعديين، وكيف أن بعض السلاطين عبر تاريخ المغرب، قاموا بجرد للشرفاء والنقباء، وتحكمت في ذلك درجات القرب أو البعد من إرادتهم..

لكن قبل ذلك هل هناك دم نبوي خالص، يتمتع به هؤلاء الشرفاء؟ أي هل هناك جنس سامي يحمله من تقترن أسماؤهم بسيدي ومولاي ولالة والشريف والشريفة؟ هل هناك مميزات جينية يتمتع بها هؤلاء الشرفاء عن باقي سلالة سيدنا آدم عليه السلام؟ أليس من ينسبون إلى الرسول الأعظم، هو الذي قال «كلكم من آدم وآدم من تراب؟ ولا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى"..؟

هي إذن إشكالات تطرح على خلفية الدورية المشتركة لوزارتي العدل والحريات والداخلية بشأن استعمال بطاقات خاصة بالشرفاء تحمل صورة للمنتسبين، مخططة باللونين الأحمر والأخضر، ومختومة ببعض الرموز المشابهة للبطائق المهنية المخصصة للموظفين العموميين، إذ يشرف بعضهم على تسليم هذه البطائق من أجل ابتزاز المواطنين، أو لحامليها الذين يحاولون استغلالها لقضاء أغراضهم الشخصية، وأصبحنا بين الحين والآخر نسمع ببلاغات الشرطة والدرك باعتقال بعض المشتبه فيهم نتيجة ابتزاز أو استغلال،  حتى أصبح الانتساب إلى النبي عليه الصلاة والسلام بما يفرضه ذلك من نبل في الأخلاق والسمو في الدرجات والمكانة العالية، وسيلة من وسائل الاستغلال، وأصبح لقب «الشريف أو الشريفة»، عند البعض بمثابة «جواز مرور»، وتحول الشريف الذي يقابل مصطلح النبيل في أوروبا، والمتعفف والمتواضع إلى نصاب وكذاب ومستغل ومبتز، خصوصا وأن المغاربة من فرط حبهم للنبي صلى الله عليه وسلم، يقدرون ويبجلون المنتسبين إليه بعد مرور 12 قرنا، يلتمسون البركة منهم معتقدين أن بيدهم مفاتيح الخير والفلاح، بل منهم من يسقط في الشرك، وخصوصا في بعض الزوايا التي تدعي الانتساب للنسب الشريف، فترى التضرع لهم والتوسل إليهم لقضاء الحاجات، وهو المدخل الذي يلج منه أغلب هؤلاء "الشرفاء المزعومين". فتراهم يحيطون أنفسهم بهالة قدسية من أجل  استدراج ذوي العقول الضعيفة، بل وإسقاط بعض مسؤولي الإدارات في شباكهم من أجل قضاء حوائجهم، وهو ما حذرت منه الدورية الوزارية المشتركة المذكورة، مع العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها، مما يعني أن الحذر واجب في التعامل مع أدعياء النسب الشريف، مادام أن القانون يطبق على الناس سواسية وإلا سنكون أمام طبقات اجتماعية تصنف الناس إلى شرفاء حقراء، أو ما يسميه  القيادي عبد الهادي خيرات، بمجتمع الأسياد والعبيد. 

(تفاصيل أخرى في هذا الموضوع تقرأونها في غلاف "الوطن الآن" الذي تجدونه في جميع الأكشاك تحت عنوان: "هل الحمض النووي للشرفاء يتطابق فعلا مع جينات الرسول الكريم؟")

une-Coul