قدم عادل الدويري، رئيس رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين، خلال الانعقاد الأخير للمجلس الوطني للرابطة بالدار البيضاء، تشخيصا للوضعية الاقتصادية في مجال التشغيل. وأوضح أن "المعيار الأساسي لنجاح أي سياسة اقتصادية هو عدد مناصب الشغل التي يخلقها الاقتصاد ككل، إذ مع الأسف، وهذا واضح للجميع، أن النتائج في مجال التشغيل غير كافية ومتواضعة جدا. وإذا أخذنا الحكومات الثلاث التي عينها الملك محمد السادس، حكومة جطو، حكومة عبد الفاسي، حكومة بنكيران، فإن هذه الأخيرة هي أسوأ حكومة في وتيرة خلق مناصب الشغل. إذ خلقت الحكومة الأولى حوالي 900 ألف منصب شغل في الاقتصاد المغربي خلال خمس سنوات. أما الحكومة الثانية فخلقت 500 ألف منصب شغل خلال أربع سنوات، في حين أن الحكومة الثالثة خلقت 27 ألف منصب شغل فقط في ظرف ثلاث سنوات أي 9000 منصب شغل سنويا. أما أسباب ذلك فهو أن حكومة بنكيران لها سياسة غير إستراتيجية تنموية، أي أنها لا تهدف إلى خلق أكير عدد من مناصب الشغل بل الهدف الاقتصادي لهذه الحكومة هو فقط التقليل من عجز ميزانية الدولة".
واستطرد الدويري قائلا إن "هذه المقاربة أو التركيز المحدود فقط على التقليص من عجز الميزانية لا يكون إستراتيجية اقتصادية في حد ذاتها، وهذا غير كاف. وتوجد محركات للنمو الاقتصادي أوقفتها الحكومة الحالية عوض تشغيلها والرفع منها، كالأشغال العمومية والسكن الاجتماعي، والإستراتيجيات التصديرية القطاعية، والاستهلاك الأسري. هذه النتائج السيئة واضحة الآن للجميع. وفي نفس الوقت هناك هبات إلاهية ساعدت الاقتصاد المغربي الآن في هذه الفترة بالضبط، وهي انخفاض سعر البترول بصفة استثنائية من 100 دولار للبرميل إلى 50 دولار للبرميل في ظرف 6 أشهر. ثانيا، توجد هبات من الخليج التي قلصت كذلك من عجز المبادلات الخارجية وتعطي بعضا من السيولة للاقتصاد التي تمكن الأبناك من تقديم قروض للأسر والمستثمرين والمقاولين".
وأضاف "أنه في نفس الوقت، للدفع بقوة بالاقتصاد الأوروبي، أعلن البنك المركزي الأوروبي منذ 15 يوم أنه سيقدم 60 مليار أورو شهريا للبنوك والدول للرفع من وتيرة نمو الاقتصاد الأوروبي، وهذا سينعكس إيجابا على الصادرات الأوروبية وعلى السيولة داخل الاقتصاد المغربي. كما ستقلص (هذه الهبات الإلاهية) من عجز المبادلات وعجز الميزانية وستساهم في رفع معدل النمو الاقتصادي بنصف نقطة إلى نقطة كاملة في 2015. ونحن نقول كحزب الاستقلال وخبراء اقتصاديين بهذا الحزب، أن الحكومة عليها أن تستغل هذه الفرصة الاستثنائية بإجراءات مضبوطة نقترحها اليوم من خلال خارطة طريق الحكومة لسنة 2015 و2016، وأن تركز في المجال الاقتصادي على بعض الإجراءات للرفع بقوة من نسبة النمو لأنها ستستفيد من سيولة مهمة جدا. وهذه الإجراءات ترتبط بالاستثمار وبحذف بعض الضرائب على الاستثمار. ثانيا، تحويل ميزانية استثمار الدولة في البنيات التحتية الأساسية غير المنتجة إلى البنيات التحتية المنتجة للمشاريع الكبرى التصديرية، وهناك مخططات قطاعية توقفت وظلت الحكومة تتفرج عليها، أو أنها تتقدم بطء لغياب السيولة أو أن الأبناك لا تقدم قروضا إضافة إلى تخوف المستثمرين. الآن الدولة عليها أن تقوم بدورها..".