هل أضحت مشاريع وزارة الأوقاف تضييعا لأموال المغاربة؟

هل أضحت مشاريع وزارة الأوقاف تضييعا لأموال المغاربة؟

إذا ما رجعنا بالزمن إلى حدود سنة 2006 نجد أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية كانت متحمسة لخلق العديد من المهام بها نظرا للظرفية التي تفرضها، لكن ما إن تبين لها فشل إحداها حتى تتمادى في تدبيره وتضييع أموال المغاربة في مناصب وهمية، ونحن في أمس الحاجة لهاته الأموال في مؤسسات تخدم المواطن فعلا.. فقد شرعت في برامج متزامنة، وهذه جرأة نحييها عليها كمشروع محو الأمية بالمساجد ومشروع تكوين الأئمة المرشدين والمرشدات ومشروع مراقبة المساجد ومشروع تأهيل أئمة المساجد. لقد خصصنا مقالات عن محو الأمية وما زال في جعبتنا الكثير حوله خصوصا حينما تقدم إحصائيات خيالية حول المستفيدين التي بدورها تطلبت دعما تربويا وماليا ضخما مصورة بذلك أن البرنامج يحقق نجاحات مفرطة، ونحن نعلم أن إحصاء السكان أنجز في الصيف الماضي.. فوالله لو قورنت نتائجه بعدد المستفيدين لظهر بهتان كبير في لوائح المندوبيات، ولكننا اليوم نسلط الضوء على المشروع الثاني للوزارة وما كان يراد منه وما هي نتائجه الحالية؟ وكيف أغمضت الوزارة أعينها وصمت آذانها حول فشله حتى لا يقال إن التخطيط والبرمجة كانت من البداية خاطئة.

يعتبر معهد تكوين المرشدين والمرشدات من أهم المعاهد الدينية، بحيث عدد خريجيه يفوق 300 سنويا بين رجال ونساء.. وقد كان المطلوب حينها في أول البرامج، حسب عقد العمل الموقع معهم، أن تعادل ساعات العمل 2800 ساعة في السنة بصفته موظفا متعاقدا سلم 10.. واختصرت مهامهم في أن يكون الوسيط والسند للإمام مع رواد المساجد وأن ينوب عنه حالة الغياب وأن يكون الدعامة التي تعتمد عليها المجالس العلمية في الندوات والأنشطة الدينية.. فماذا حصل بعد ذلك؟ تم تخريج فوج تلو فوج، ووزعت عبر التراب الوطني على أساس أن يتكلف كل مرشد بتأطير عدد معين من الأئمة في مواضيع مختلفة ووضعت رهن إشارتهم امتيازات عديدة كالدراجات النارية والبنزين وغيره، إلا أن لا شيء من ذلك تحقق أصلا، ولا نتيجة على الميدان إلا من له غيرة على هذا البلد وكان يخاف الله لكونهم ليس لهم رقيب إلا هو، بحيث تم استغلال الصراعات الخفية بين أجهزة الوزارة لصالحهم.. إذ عمليا هم تابعون للمجالس العلمية وإداريا من حيث المردودية تشرف عليهم المندوبيات.. فكيف ذلك؟ فبالرجوع إلى عملهم نجده في مجمله اختصر على الإنابة في خطبة وصلاة الجمعة أو صلاة التراويح في المساجد الجامعة، بحكم أنهم لا يرضون بالقيام بها في المساجد الصغيرة، أما عن الدروس الدينية فهي شبه منعدمة، وأما الندوات فحصة الأسد يحصل عليها أعضاء المجالس العلمية نظرا لتعويضاتها السخية، ناهيكم عن مهام مكلفين بها مع وقف التنفيذ كتحفيظ القرآن الكريم والقيام بمحو الأمية بالمساجد والسهر على الأنشطة الثقافية بالمؤسسات التعليمية والسجون والشراكة مع الهيئات المدنية... كل ذلك في مهب الريح، ترك الإمام البسيط يصارع الأوضاع والرهانات الحالية، وحده معينه في ذلك الله عز وجل ويسترزق من ورائه أناس كثيرون، لا يعرفون سوى ملء التقارير والإنجازات الوهمية وإرسالها للوزارة وللمجلس العملي الأعلى.. فأين هو تقريب المجالس من الشباب؟ وأين هي تقريب الفتوى من المواطن الذي ترك تائها بين القنوات؟ وأين هم علماؤنا؟ أم إن الوزارة اكتفت بشاشة تلفاز معلقة في كل مسجد بدون جدوى، جلها معطل أو غير مشغل .

لا عيب أن تجتهد الوزارة في الإبداع والتحسين، ولكن العيب حينما نرى فوجا تلو الفوج يتخرج لتنضاف معه ثقب أخرى في ميزانية الدولة المواطن أحوج بها في الطرقات والمستشفيات، والأحوج الأكثر من كل ذلك هو تحسين وضعية الأئمة عوض هاته الحسنات التي تعطى إليه، إذ كيف يعقل أن يتقاضى إمام مرشد بدون مهام حقيقية راتبا يتعدى 5000,00 درهم وإمام مرابط بالمسجد حريص على أمن الناس روحيا بمكافأة لا تتعدى 1100,00 درهم، لا هو بشرط الجماعة ولا هو براتب الدولة وإن كان مستفيدا من السكن فاعتبره سكنا غير لائقا إلا القليل منهم، وخصوصا إن بنيت حديثا...

يتساءل العديد من المواطنين، كيف تجرأت بعض المجالس من تعليق أنشطتها على بعض المساجد وهي لا تعمل منه شيئا؟ وكيف تخول لهؤلاء أنفسهم أكل مال لم يتعبوا عليه؟ وكيف لوزارة علمت بمكمن الداء ولم توقفه ولم تعالجه، وبين الفينة والأخرى تخرج رزمة من الترقيعات والتوصيات لعمل هؤلاء.

لو سألت المواطن العادي أو الإمام البسيط لأجابك أنه كان حليا بها أن تعينهم بالمساجد التي تبنى حديثا ويشكلون بذلك مدارس قرآنية نظرا لتكوينهم.

وفي خضم كل ذلك، وفي زخم تجاذبات الوزارة من حيث المهام والتخصصات بين مديرياتها وهيآتها يبقى هؤلاء في سباتهم لا يستيقظون منه إلا أواخر كل شهر لقبض رواتبهم أو لأحدى الولائم إن استدعوا لها، ويبقى الشباب المغربي تائها في حيرة بين تصديق البلاغات الصادرة وبين الواقع المرير في انتظار سماع صوت قناة محمد السادس للقرآن الكريم، التي ملأت فراغا كبيرا كادت تملأه القنوات الشرقية.