"باسم جيل ضائع" هو عنوان المؤلف الجديد للشاعر والإعلامي جمال بدومة بعد تجربتين في صنف الشعر: "الديناصورات تشتم ستيفن سبيلبيرغ"(2001) و"نظارات بيكيت"(2006) ثم " كيف تصبح فرنسيا في خمسة أيام ومن دون معلم" (تخييل ذاتي 2011).. ففي أمسية من أماسي يناير الباردة (الأربعاء 28 يناير 2015) وفي فضاء المكتبة الوطنية الرحب بالرباط التأم جمع من مثقفين وإعلاميين وأصدقاء ومهتمين بتجربة الكاتب في حفل توقيع "باسم جيل ضائع.. البلاد التي..." فكان أن سرى دفئ جميل وحميمية رقيقة في تلك الأمسية وكان بوح وكشف واقتراب من تجربة "مشاغب" قادم من تلاوين المغرب العميق(ميدلت) وهو يتحدث باسم جيل بكامله...
"هي كتابات ... تنضح بالألم، وتفرغه في قالب هزلي، وفي لغة رشيقة رقيقة لا تزري بها أثقال اللغة المقعرة" يقول الكاتب والروائي حسن أوريد عن الكتاب الجديد لجمال بدومة، ويرى أوريد الذي كتب تقديما للمؤلف أن ما يبوح به الكاتب هو بمثابة تحليل لظاهرة وتأريخ لمرحلة وشهادة عن فترة وصرخة ضمير...
"باسم جيل ضائع" الذي صدر عن "منشورات دار الأمان" بالرباط (سنة 2014، 273 ص)، هو عبارة عن توليف لمقالات سبق أن نشرها الكاتب في أعمدة الصحافة يجمع بين النقد والشعر والسخرية ونصوصه التي تم توزيعها إلى أربعة أبواب: "القارئ الغيور والجريدة الغراء"، " كنت شاعرا"، " نوستالجيا" و" نزهة في الغابة" هي مستفزة حقيقة للقارئ وتكسر أفق انتظاره بما أنها أيضا تستفز الذاكرة وتساءل الواقع المعيش.. يقول الكاتب جمال بدومة في نص تحت عنوان "كانت الحياة أجمل" (باب نوستالجيا):
عندما كان "الإيسيمس" يدعى "التلغراف" و"فيسبوك" يسمى "ركن التعارف"..
عندما كان الهاتف تحفة تزين البيوت وحين يرن يسمعه كل الجيران،
عندما كنت تقضي خمس دقائق وأنت تدور قرصا ثقيلا كي تمسك بالخط،
PCV عندما كنا نقصد مبنى البريد كي نتكلم مع الأسرة،
عندما كنا نكتب الرسائل بمداد أزرق ونطويها في ظرف أصفر،
عندما لم يكن ينقصنا "إلا النظر في وجهكم العزيز"
عندما كنا نجمع الطوابع البريدية ونتراسل مع أشخاص لا نعرفهم باستعمال Coupon Réponse
عندما كانت وزارة التربية الوطنية تجبرنا على شراء "العندليب" و"اليانصيب" وجلب الحطب من بيوتنا لتدفئة الفصل،
عندما كان يزور المدرسة ممرض ويطبعنا بحقنة أو يضع مرهما غريبا في أعيننا الضيقة،
عندما كنا نحلم بأن نصبح أطباء ومهندسين وطيارين،
عندما كنا نتمنى أن تتهدم المدرسة أو يموت المعلم كي نصير في عطلة،
عندما كان التلفزيون يبدأ بـ "القرآن" وينتهي بـ "التشاش"، عندما كانت "القناة الصغيرة" صباح الأحد و"ركن المفتي" مساء الجمعة،
(...)
عندما كان مقهى "باليما" وسط الرباط محاطا بالأسوار،
عندما كان "المثلث الأحمر" محجا للكتاب والفنانين والمخبرين،
عندما كان "لوغران كونتوار" يسمى "السفراء" و "ماكدونالد" يدعى "المركز السوفياتي"،
عندما لم يكن العاطلون جزء من ساحة البرلمان،
عندما كان في الأوداية معهد مسرح ونادي يخت ومتحف ومقر لاتحاد الكتاب،
عندما كان زفزاف يكتب عمودا في "المنبر الليبرالي" وشكري يتحدث في إذاعة طنجة،
عندما كنا ننشر الخواطر في "المجلة الحائطية"،
عندما كنا نتبادل قصص عطية الأبراشي ونسرق من حقائب شقيقاتنا "روايات عبير"،
عندما كنا نكتري "زومبلا" و" كيوي" و"راهان" عند بائع الزريعة،
عندما كان "في سبيل التاج" أشهر من "هاري بوتر"،
عندما كانت قصيدة تافهة تكفي للإيقاع بمن نحب،
عندما كان الناس مقسمون إلى معسكرين "كوكا" و"فانتا"،
عندما كانت "رونو 12" و"سيمكا" سيارتين محترمتين،
عندما كان الليل طويلا والنهار قصيرا لأسباب صبيانية،
عندما كانت السعادة علبة "هنريس" مع "رايبي جميلة".
(2013.8.29)