المهدي لحلو: تعودنا من الحكومة المغربية ألا تخفض العبء الضريبي وعبء الأسعار كلما انخفض سعر البترول

المهدي لحلو: تعودنا من الحكومة المغربية ألا تخفض العبء الضريبي وعبء الأسعار كلما انخفض سعر البترول

يفسر المهدي لحلو، أستاذ الاقتصاد بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، في هذا الحوار أسباب انخفاض الأسعار الدولية للبترول، مبرزا أن هذا الانخفاض ستجني من ورائه الدولة فوائد كبرى، ستساهم ضمنيا في تخفبض العجز المالي للدولة بالنسبة للناتج الداخلي الخام، وتخفيض العجز التجاري لما تمثله الفاتورة الطاقية في الميزان التجاري، والرفع من احتياط المغرب من العملات الخارجية الذي قد يرتفع  مع الموسم الفلاحي الحالي، وودائع بنك المغرب قد ترتفع  مع انخفاض أثمنة المواد الفلاحية المستوردة.

+ ما هي أسباب انخفاض الأسعار الدولية للبترول؟

- كان انخفاض أسعار البترول في الأسواق العالمية متوقعا، وما هو مفاجئ هو سرعة ووتيرة هذا الانخفاض، كان متوقعا انخفاض  البترول على اعتبارين أساسيين. أولا، وصلت الولايات المتحدة الأمريكية سنة 2014 وبداية 2015 تقريبا لسد العجز الطاقي، ولم تعد تحتاج إلى الأسواق الخارجية، خاصة السوق السعودية. وبما أن الولايات المتحدة الأمريكية أكبر مستهلك للبترول في العالم فذلك أثر على التوازن السابق بين العرض والطلب للبترول على المستوى الدولي. ثانيا استمرار الأزمة الاقتصادية خاصة دول الاتحاد الأوروبي ومنطقة الأورو، واستمرار الأزمة الاقتصادية يعني أزمة الإنتاج، وفيها من جهة تراجع استهلاك البترول لأسباب مرتبطة بالاستهلاك الصناعي ثم أسباب مرتبطة مع تغيير طرق استهلاك البترول في مجال النقل. ثم كذلك استمرار مستوى إنتاج "أوبيك" منظمة شبه عربية منتجة ومصدرة للبترول، وما وقع من مفاجأة وتيرة الانخفاض بحيث فاق انخفاض سعر برميل البترول ما بين يونيو-يوليوز2014 وبداية السنة الانخفاض تقريبا 50 في مائة، اليوم سعر البرميل وصل إلى اقل من 50 دولار في حين في كان في يونيو الماضي 106 -110 دولار للبرميل.

وهذا مرتبط بعوامل عدة، والعامل الأساسي في نظر المحللين أن المملكة العربية السعودية تحاول أن تخفض وتيرة الاستثمارات الأمريكية في مجال البحث عن الطاقات الجديدة أو إنتاج بترول الصخور النفطية. على اعتبار أن كلفته مرتفعة لاستغلال واستخراج هذا النوع من البترول. ثم هناك عوامل سياسية يجب التمحيص فيها وهي مرتبطة بمحاولة العربية السعودية للضغط على إيران وعلى فدرالية روسيا، على اعتبار من جهة أن السعودية لا ترغب أن يحصل الاتفاق النووي بين الدول العظمى وإيران، لإضعاف القدرات الخارجية لإيران ومساعداتها لسوريا. ونفس الشيء بالنسبة لروسيا، لإضعاف تدخلها في جمهورية أوكرانيا. ثم هناك نقطة أخرى مرتبطة بالضعف السياسي الحالي  لمنظمة "أوبيك"، على اعتبار أنه في السابق كانت هناك دول لها "تصور سياسي" ومعاملات حادة تجاه الولايات المتحدة الأمريكية، منها فنزويلا، ليبيا، الجزائر، إيران.. اليوم، تغير النظام بفنزويلا، وتعيش ليبيا على وقع حرب داخلية أهلية، أما العراق فقد انقضى سياسيا، ثم هناك نيجيريا وهي منغمسة في حروبها الداخلية. مما ساهم في ضعف هذه المنظمة وجعل الصوت الأسمى هو قرار المملكة العربية السعودية.

+ ما مدى انعكاس انخفاض الأسعار الدولية للبترول على الاقتصاد المغربي؟ ولماذا لم يواكب ذلك انخفاض في أسعار مواد الخدمات الأساسية؟ هل يرجع ذلك إلى غياب مراقبة فعالة لمنظومة الأسعار؟

- في المغرب لا تطبق حقيقة الأسعار إلا حين تقع زيادات على المستوى الخارجي، ونحن نرى أنه  نادرا في تاريخ المغرب الحديث ما يقع انخفاض في أثمنة مواد الخدمات الأساسية بارتباط مع نفس أثمنة المواد في الخارج، وهذا ما يحصل اليوم في أثمنة البترول، القمح، السكر، مواد التجهيز، المواد المستهلكة مثل السيارات بالرغم من اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي التي تتضمن 0 في المائة للرسوم الجمركية بعد 2012. وهذا يعود إلى غياب المراقبة، ثم هناك عقلية مغربية لدى الدولة وشركات القطاع الخاص، تقول بأن ليس هناك حاجة لخفض هذه الأثمنة والحفاظ على وضعها الحالي إذا ارتفعت في المدى المتوسط على المستوى العالمي لا يتم رفعها على المستوى الداخلي، وهذه العقلية تطبق كذلك عند الحكومة الحالية خاصة في قطاع المحروقات.

 وكما قلت فاق انخفاض ثمن البترول على المستوى الدولي نسبة 50 في المائة بقيمة 60 دولار للبرميل. والحال أن توقعات ميزانية 2014 تشير إلى 10 دولار للبرميل. ولم تخفض الدولة ثمن المحروقات في السوق لأنه تم التخلي عن صندوق موازنة المحروقات.. وربح الدولة مرتبط بالفرق ما بين 100 دولار للبرميل (حتى ما هو متوقع في ميزانية 2015) و50 دولار للبرميل، ويمكن أن ينخفض إلى 40 أو 30 دولار، والسعودية قالت أنها لن تتدخل ولو نزل البرميل إلى 20 دولار. وبالتالي فإن الفوائد على الميزانية هي فوائد كبرى، إذ ستساهم ضمنيا في تخفيض العجز المالي للدولة بالنسبة للناتج الداخلي الخام، وتخفيض العجز التجاري لما تمثله الفاتورة الطاقية في الميزان التجاري، والرفع من احتياط المغرب من العملات الخارجية الذي قد يرتفع مع الموسم الفلاحي الحالي، وودائع بنك المغرب قد ترتفع  مع انخفاض أثمنة المواد الفلاحية المستوردة