شمل غلاف العدد الأخير من أسبوعية "شارلي إيبدو" الصادر يوم الأربعاء الماضي (7 يناير الماضي) العنوان التالي "توقعات المنجم هولبيك: سنة 2015، أفقد أسناني. سنة 2022، أصوم رمضان"، في إشارة إلى الرواية الجديدة التي أصدرها الروائي الفرنسي ميشيل هولبيك عن دار فلاماريون بباريس بعنوان "استسلام"، ويشهد قراؤها الأوائل أنها تصعد الخط العدائي الذي نهجه ميشيل الذي لا يخفي كرهه للإسلام، معتبرا في أحد الحوارات معه أن هذا الأخير هو "أحمق دين". فهل هي الصدفة أن يصدر العدد في نفس اليوم الذي جرى فيه الهجوم الإرهابي على الجريدة الفرنسية الساخرة، والمعروفة هي الأخرى بسخريتها من الإسلام وباقي الديانات الأخرى؟
مهما يكن الجواب، فهذا التزامن سيعمق الضوء على الرواية وكاتبها بكل تأكيد، ويغذي الجدل من جديد حول هذا الرهاب المبالغ فيه تجاه الدين الإسلامي.
يرسم ميشيل في روايته الجديدة (السادسة في ترتيب أعماله)، حسب الملخص الذي تناقلته الصحافة، تصورا مفترضا لفرنسا سنة 2022، حيث ستجرى الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية ليفوز فيها حزب "الأخوة الإسلامية" على مارين لوبين زعيمة الجبهة الوطنية. وسيتولى زعيم ذلك الحزب المفترض (محمد بن عباس، يتصوره المؤلف أستاذا للنقد الأدبي، 44 سنة) رئاسة فرنسا. ومن ثم ينطلق إلى التجسيد العملي لبرنامجه الانتخابي القائم على حرمان المرأة من العمل، ومن ولوج المدرسة، وعلى فرض الحجاب على الفرنسيات، وتشريع تعدد الزوجات، وعلى اشتراط دخول الإسلام على كل الفرنسيين من أجل الحصول على فرصة عمل.
نتيجة ذلك كان من الطبيعي أن يثير هذا المضمون الافتراضي حفيظة عدد من المفكرين، وفي مقدمتهم طارق رمضان الباحث الإسلامي ذو الأصل المصري الذي نصح بعدم الرد على الرواية، معتبرا مؤلفها عنصريا وانتهازيا، ومثيرا للقلق. في حين يتوقع أن تتقدم الهيئات الإسلامية في فرنسا بدعاوى قضائية، تماما كما فعلت ذلك إثر تصريح ميشيل الآنف الذكر.
في السياق نفسه يُتداول حاليا على صفحات الفيسبوك مقطع منسوب إلى الرواية يفيد، في إحدى فقراته، "قيام مجموعة من الشباب بمهاجمة إعلاميين معادين للدين الإسلامي، وقد قتل منهم اثنا عشر صحفيا". ومع هذا المقطع إشارة إلى صدق تنبؤات ميشيل هولبيك، لكن منابر إعلامية أخرى سارعت إلى تكذيب المقطع، مشيرة إلى أنه لا يرد في الرواية. وقد وضعه البعض افتراء.