رواية فرنسية تفترض قيام جمهورية إسلامية في فرنسا عام 2020

رواية فرنسية تفترض قيام جمهورية إسلامية في فرنسا عام 2020

يعود الكاتب ميشال ويلبيك الذي اعتاد إثارة الصدمات والسجالات في أعماله، بشكل صاخب إلى الساحة الأدبية الفرنسية، مع صدور رواية جديدة له بعنوان "استسلام" (سوميسيون)، تثير سجالا محتدما، حتى قبل صدورها الأربعاء 7 يناير الجاري، إذ يطرح فيها سيناريو افتراضيا عن أسلمة فرنسا.

وسواء أراد ويلبيك كتابه الجديد قصة رمزية يفترض عدم الأخذ بها بحرفيتها أو اعتبارها استفزازا جديدا للمسلمين، يبقى أن الرواية التي استوحى اسمها من الإسلام تثير ردود فعل حادة، على غرار المواقف حيال كاتبها المنقسمة ما بين أقصى التمجيد وأقصى الكراهية.

وقال مدير صحيفة "ليبيراسيون" اليسارية لوران جوفران متحاملا على رواية الخيال السياسي، إنها "ستبقى محطة في تاريخ الأفكار تؤشر إلى غزوة، أو عودة، لنظريات اليمين المتطرف في الأدب الراقي".

ويرى جوفران أن رواية هذا الكاتب، الذي يعتبر من الأدباء الفرنسيين الأكثر شهرة في الخارج، "تصادق على أفكار الجبهة الوطنية أو أفكار إريك زمور" الإعلامي والصحافي الفرنسي الذي يثير جدلا كبيرا بحملاته ضد الهجرة أو أوروبا، والتي تجد أصداء لدى شريحة من المجتمع الفرنسي تساورها مخاوف كثيرة على المستقبل.

في المقابل يرى الفيلسوف المحافظ آلان فينكلكراوت أن ويلبيك "يبقي عينيه مشرعتين ولا يدع واجب اللباقة السياسية يرهبه"، وهو بحسبه يصف "مستقبلا غير مؤكد لكنه محتمل".

وفي مقابلة نشرتها وسائل إعلام أمريكية وألمانية وفرنسية السبت الماضي أقر ميشال ويلبيك بأنه يلعب على وتر "الخوف"، لكنه نفى أي "استفزاز" موجه ضد الإسلام، مؤكدا فقط أن كتابه بمثابة "تسريع للتاريخ".

وقال باختصار معلقا على روايته السادسة، التي تصدر بطبعة إولى من 150 ألف نسخة، "إنني أختزل تطورا هو بنظري محتمل". وأضاف الكاتب الحائز جائزة غونكور أرقى الجوائز الأدبية الفرنسية: "إنني أستخدم عنصر التخويف". مسترسلا "لا ندري تحديدا ما الذي نخاف منه، إن كنا خائفين من دعاة التمسك بالهوية (أي اليمين المتطرف) أو من المسلمين... يبقى كل هذا ضبابيا".

تبدأ قصة "الاستسلام" عام 2022 مع انتهاء الولاية الرئاسية الثانية للرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند في فرنسا مشرذمة ومنقسمة على نفسها، مع فوز محمد بن عباس زعيم حزب "الأخوية الإسلامية" (من ابتكار المؤلف) على زعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبن في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، بعد حصوله على دعم أحزاب يسارية ويمينية على حد سواء.

ويقدم الرئيس الجديد نفسه على أنه مسلم "مدافع عن القيم" مثل المجتمع الأبوي وتعدد الزوجات ووضع الحجاب ولزوم النساء المنزل ووضع حد لحرية المعتقد واعتناق الإسلام.

وتثير هذه التطورات بلبلة كبيرة سواء في البلاد أو في حياة الراوي، وهو أستاذ في السوربون، الجامعة الفرنسية العريقة التي تحولت إلى "الجامعة الإسلامية".

وويلبيك البالغ من العمر 56 عاما، والذي يتهم بكره النساء، بل حتى بالعنصرية ومعاداة الأجانب، غالبا ما أثار سجالات عنيفة. ففي 2001 أشعل فضيحة حقيقية على علاقة بالإسلام بإعلانه في مقابلة أنه "أحمق ديانة"، ولو انه لطف الأمور لاحقا بالقول، إن العبارة مجتزأة من سياقها.

وهو يقول اليوم "القرآن أفضل مما ظننت، الآن وقد قرأته"، ويضيف "لست مفكرا، لا أتخذ موقفا، لا أدافع عن أي نظام".. مؤكدا أن "كره الإسلام ليس نوعا من العنصرية".

ويقول الكاتب إنه إذا ما افترضنا أن "المسلمين نجحوا في التفاهم فيما بينهم (...)، فإن الأمر سيستغرق عشرات السنوات" قبل أن يصلوا إلى السلطة في فرنسا. لكنه يرى أنه "من الخطأ القول إن (الإسلام) دين لا عواقب سياسية له".. مستخلصا "وبالتالي فإن قيام حزب إسلامي يبقى بنظري فكرة تطرح نفسها".

وإن كان الخبير السياسي فيليب برو يرى السيناريو الذي ابتكره ويلبيك في روايته الجديدة "مثيرا للضحك"، إلا أنه يعتبر انتخاب رئيس مسلم لفرنسا "أمرا محتملا تماما".