تأكيدا على الحضور الوازن للكفاءات المغربية في الساحة الأكاديمية الدولية، وعلى قدرة البحث العلمي الوطني على الإسهام في معالجة القضايا الكونية الكبرى، يبرز اسم الدكتورة خلود كاهيم، استاذة بجامعة القاضي عياض، كإحدى القامات العلمية التي جسدت معنى التميز المسؤول، علما وقيما.
ويأتي التكريم الذي حظيت به من طرف Carnegie Mellon University – Qatar ليعكس هذا المسار المتكامل، وليؤكد أن الاستحقاق العلمي الحقيقي لا يُقاس فقط بحجم الإنتاج الأكاديمي، وإنما يقاس أيضا بما يرافقه من التزام أخلاقي وفكري وتواصلي رفيع.
ويُعد هذا التكريم تتويجا لمسار علمي استثنائي جمع بين البحث الأكاديمي الرصين والانخراط العملي في القضايا البيئية والصحية ذات الأولوية الوطنية والعالمية، كما يعكس تقديرا لمقاربة بحثية تعتبر العلم أداة للتأثير الإيجابي في السياسات العمومية وخدمة التنمية المستدامة، بعيدا عن الانعزال النظري أو الانفصال عن رهانات الواقع.
وتُعتبر الدكتورة خلود كاهيم قامة علمية تستحق هذا الاعتراف الدولي، لما تتحلى به من تميز أخلاقي وفكري وتواصلي، وبما تتميز به من تواضع اخلاقي وروح وطنية صادقة جعلت من مسارها الأكاديمي رسالة في خدمة الوطن والإنسان، فقد ظل سعيها الدؤوب موجها نحو خدمة العلم وتشجيع الشباب على الانخراط في البحث العلمي، مع الحرص الدائم على إعلاء اسم المغرب وعلمه في مختلف المحافل الدولية.
وقد كرست الدكتورة كاهيم مسارها العلمي لدراسة تغيرات المناخ وانعكاساتها على البيئة والصحة العامة بالمغرب، في سياق إقليمي يتسم بتزايد حدة المخاطر المناخية.
ويتعزز البعد الدولي لمسارها من خلال اختيارها على المستوى العالمي، تقديرا لقدرتها على تقديم قضايا البيئة وتغير المناخ بأسلوب علمي محض، وهو ما أتاح لها الانضمام إلى وكالة الفضاء الأمريكية (NASA)، حيث اشتغلت على مشاريع علمية متقدمة، ركزت فيها على توظيف بيانات الأقمار الصناعية، وتقنيات الاستشعار عن بعد لرصد استخدام الموارد المائية، خاصة في المجال الزراعي.
كما أولت اهتماما خاصا بتأثير التغيرات المناخية على الصحة العامة، من خلال دراسات علمية حول العلاقة بين ارتفاع درجات الحرارة وانتشار بعض الأمراض، من بينها داء الليشمانيا، في انسجام تام مع التحديات البيئية والصحية التي يواجهها المغرب، وما تفرضه من مقاربات علمية متعددة الأبعاد.
ويُذكر أن الدكتورة خلود كاهيم كانت العربية الوحيدة التي حصلت على جائزة التميز من الأمير ألبير الثاني أمير موناكو، التي تسلمتها منه شخصيا، تقديرا لقيمة أبحاثها العلمية في مجال التغيرات المناخية.
كما أسهمت، من جهة أخرى، إلى جانب ثلة من الباحثين في تأسيس المركز الدولي للأبحاث وتنمية القدرات، إيمانا منها بأهمية العمل الجماعي وربط البحث العلمي بحاجيات المجتمع.
ويحمل تكريمها من طرف Carnegie Mellon University – Qatar دلالة تتجاوز الاحتفاء بإنجاز فردي، ليشكل اعترافا دوليا بنموذج أكاديمي مغربي يجمع بين الكفاءة العلمية والالتزام القيمي، ويؤكد أن الاستثمار في الإنسان والمعرفة يظل السبيل الأمثل لإشعاع الوطن علميا وحضاريا.