ذاكرة المقاومة بالصحراء.. حين تحدث التاريخ عن رجل اسمه محمد لحبيب حبوها

ذاكرة المقاومة بالصحراء.. حين تحدث التاريخ عن رجل اسمه محمد لحبيب حبوها المرحوم محمد لحبيب حبوها رمز من رموز المقاومة الوطنية بالصحراء المغربية
في لحظة وفاء لذاكرة المقاومة الوطنية ورجالاتها الخالدين، يستحضر أبناء الصحراء اسم الراحل محمد لحبيب حبوها، أحد أبرز رموز النضال الوطني، الذي بصم بحضوره ومسيرته صفحات مشرقة من تاريخ الكفاح من أجل استقلال المغرب وصيانة وحدته الترابية.

وُلد الراحل سنة 1930 بفريگ أهل أعبيد بمنطقة لحذب بضواحي بوكراع شرقي العيون، وسط بيئة صحراوية قاحلة لم تمنعه من أن يكون رقما صعبا في معادلات التاريخ الوطني. فقد انخرط منذ بداية الخمسينيات في صفوف المقاومة المغربية ضد الاستعمار الفرنسي والإسباني، حيث عرف بين رفاقه بصلابته وحنكته في ميادين المعارك.

في مارس 1955 أصدر الجنرال الفرنسي ديماسي أمرا بإلقاء القبض عليه، ما اضطره إلى الهروب لمواصلة مسيرته النضالية. وبعد عودة الملك محمد الخامس من المنفى سنة 1955، كان "حبوها" ضمن مؤطري وفد بيعة الصحراويين، كما شارك في تأسيس جيش التحرير بالجنوب المغربي وتولى قيادة الرحى بالمقاطعة الثامنة، مشاركا في معارك حاسمة مثل أم لعشار ومركالة سنتي 1956 و1957.

ظل الرجل رمزا للوفاء للوطن، فبعد محاولات الاستعمار الفرنسي والإسباني سنة 1958 لخلق كيان مصطنع بالأقاليم الجنوبية، رفض "حبوها" بحزم أي مساس بوحدة المغرب الترابية. 

وفي سنة 1962 وشحه الملك الحسن الثاني برتبة ملازم أول، مكافأة لدوره البطولي في الدفاع عن الوطن، كما كان سنة 1966 من بين أعضاء أول وفد مغربي يدافع عن قضية الصحراء في الأمم المتحدة بنيويورك.

واصل مسيرته النضالية بتأسيسه سنة 1974 جبهة التحرير والوحدة، ومساهمته الميدانية في معارك ضد القوات الإسبانية، قبل أن يُصاب بجروح في معركة أمكالة سنة 1976.

 وفي اعتراف آخر بخدمته للوطن، عيّنه الملك الحسن الثاني عاملا على إقليم السمارة بين سنتي 1979 و1983، حيث ساهم بإخلاص في إرساء أسس التحضر والتنمية المحلية.

وفي سنة 2002، كرّمه الملك محمد السادس بترقيته إلى رتبة كولونيل ماجور خلال الزيارة الملكية لإقليم كلميم، تقديرا لمسيرة حافلة بالعطاء والوفاء للوطن.

رحم الله المجاهد محمد لحبيب "حبوها"، الذي ظل حتى أنفاسه الأخيرة مثالا للغَيْرة الوطنية، ورمزا لجيل آمن بالمغرب الموحد من طنجة إلى الكويرة.