أكد المهدي جماع، المنسق الجهوي للشبكة المغربية من أجل السكن اللائق، إن تكرار تحوّل موجات الأمطار أو الاضطرابات الجوية في المغرب إلى كوارث إنسانية وعمرانية يعود أساساً إلى غياب السياسات الاستباقية وضعف الالتزام بالمعايير العلمية الدقيقة في تدبير المخاطر، رغم توفر المعطيات العلمية والتحذيرات المسبقة.
وأوضح جماع، في تصريح لـ "أنفاس بريس"، أن دولاً متقدمة تتعرض لزلازل وفيضانات وبراكين أشد خطورة، كما هو الحال في اليابان حيث تسجل هزات تتجاوز 6 و7 و8 درجات على سلم ريشتر، ومع ذلك تبقى الخسائر في الأرواح والممتلكات محدودة مقارنة بما يقع في المغرب، الذي تتحول فيه تساقطات مطرية عادية—لا ترقى علمياً إلى مستوى “الكوارث الكبرى”—إلى مآسٍ إنسانية، كما حدث في فيضانات آسفي ونماذج أخرى.
وأشار إلى أن الفارق الجوهري يكمن في اعتماد تلك الدول، منذ عقود، سياسات وقائية صارمة، إذ أدركت مثلاً اليابان بحكم موقعها الجغرافي أنها تعيش تحت تهديد دائم للزلازل، فبادرت منذ ثمانينيات القرن الماضي إلى اعتماد تقنيات بناء مضادة للزلازل وإدماجها إلزامياً في المخططات التعميرية.
وفي المقابل، شدد جماع على أن المغرب يتوفر منذ سنوات على معطيات علمية وسيناريوهات مستقبلية—تمتد لثلاثين وأربعين وخمسين وحتى مئة سنة—تتوقع مخاطر الجفاف والفيضانات والزلازل، بل إن تطور أدوات التحليل والذكاء الاصطناعي جعل المعلومة أدق وأكثر توفرًا. غير أن الإشكال، بحسبه، لا يكمن في غياب المعرفة، بل في ضعف الإرادة السياسية وعدم تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة.
واعتبر المهدي جماع، المنسق الجهوي للشبكة المغربية من أجل السكن اللائق على أن التعامل مع كل كارثة كما لو كانت الأولى، رغم توالي التقارير الوطنية والدولية التي تصنف المغرب ضمن الدول المعرضة للمخاطر الطبيعية، يعكس غياب سياسة استباقية حقيقية لتدبير الكوارث، وهو ما يشكل، في نظره، جوهر الأزمة.