المسجد الكبير بفكيك، ليس فقط معلمة دينية تؤدى فيه الصلوات.
المسجد الكبير بفكيك، ليس فقط تراثا تعود جذوره إلى أكثر من سبعة قرون.
المسجد الكبير ليس فقط مرفقا عموميا يهيكل مجموع دروب وحارات قصر زناكة بفكيك.
لا، المسجد الكبير هو الشاهد على دناءة فرنسا، وهو الحجة على دسائسها للتغلغل للمغرب من أجل احتلاله، بعد أن بسطت هيمنتها على الجزائر منذ سنة 1830.
ذلك أن أهل فكيك، احتضنوا المقاومة الجزائرية وتحولت قصور فكيك إلى ملجأ للمقاومين الجزائريين الفارين من بطش العسكر الفرنسي. فضلا عن ذلك كان لأهل فكيك دور كبير في وقف زحف احتلال المغرب من طرف فرنسا من جهة الشرق.
وحين ضاق عسكر فرنسا بدور أهل فكيك في دعم وتموين المقاومين الجزائريين، تم تكليف الجنيرال "أوكنور" في مطلع 1903 بقيادة حملة ضد فكيك؛ وهي الحملة التي تميزت بالوحشية التي استعملت فيها مختلف الأسلحة، بما فيها القصف المكثف لدك منازل فكيك.
القصف الفرنسي أدى إلى تدمير صومعة المسجد الكبير بقصر زناكة، وهو ما ساهم في رفع جرعة الاحتجاج ضد فرنسا من طرف أهل فكيك. وكان ذلك القصف إيذانا برفع منسوب المواجهة والمقاومة ضد عسكر فرنسا من طرف أبناء فكيك، لدرجة أن العديد من الباحثين يذهبون إلى القول إنه لولا شراسة مقاومة أهل فكيك للعسكر الفرنسي لكانت حدود المغرب مع الجزائر الفرنسية هي نهر ملوية، وليس نهر زوزفانة الحالي.
ففرنسا لما استعمرت الجزائر عام 1830، وطال احتلالها لهذا البلد، كانت تنوي جعله إقليما فرنسيا من الأقاليم الفرنسية ما وراء البحار، واستغل عسكر فرنسا في النصف الثاني من القرن 19، ضعف الأيالة الشريفة للمغرب السلطاني آنذاك، وتم قضم أجزاء مهمة من تراب المغرب (الصحراء الشرقية)، وضمها للجزائر الفرنسية.
ولم يكتف عسكر فرنسا بذلك، بل قام الاحتلال بعد ذلك ببتر المجال الترابي الكبير التابع لواحة فكيك وضمه لإقليم" الجزائر الفرنسي"، بشكل أغاظ أهل فكيك وانخرطوا في مقاومة فرنسا، بالموازاة مع مبادرتهم بتسليح وتموين المقاومة الجزائرية بالعتاد والذخيرة وتوفير المخابئ، واحتضان اللاجئين.
وهذا ما يفسر القدسية المزدوجة التي تميز المسجد الكبير بقصر زناكة بفكيك إلى يومنا هذا: أي قدسيته كمسجد يستمدها من المجال التعبدي الديني، وقدسية تتمحور حول رمزية المسجد في رفض أهل فكيك التخلي عن هويتهم المغربية مقابل الانبطاح لفرنسا للقبول بالانضمام لتراب الجزائر الفرنسية.
عبدالرحيم أريري بقصر زناكة