أنور الشرقاوي: الطب الرياضي الإفريقي يرسم خططه المستقبلية انطلاقاً من المغرب

أنور الشرقاوي: الطب الرياضي الإفريقي يرسم خططه المستقبلية انطلاقاً من المغرب الدكتور أنور الشرقاوي خبير في التواصل الطبي والإعلام الصحي
تشهد العاصمة المغربية في الفترة ما بين 11 و13 دجنبر 2025 حدثاً غير مسبوق على مستوى القارة: انعقاد أول مؤتمر إفريقي للطب وعلوم الرياضة، بمشاركة نخبة من الخبراء والباحثين وصنّاع القرار، ممن وضعوا نصب أعينهم سؤالاً مركزياً: كيف يمكن للرياضة أن تصبح رافعة استراتيجية لتنمية إفريقيا؟
 
يأتي هذا الملتقى بتنظيم من الجمعية المغربية للطب وعلوم الرياضة بشراكة مع الجمعية الإفريقية لعلوم الرياضة، ليقدّم رؤية حديثة وعميقة: فالرياضة لم تعد مجرّد ساحة للتنافس، بل فضاء تحتضن فيه المعرفة العلمية، وتتشابك فيه رهانات الاقتصاد، وتُصنع فيه صورة الأمم وسمعتها على الساحة الدولية.
 
منذ الجلسة الافتتاحية، سيشدّد المتدخلون على أن التظاهرات الكبرى—وعلى رأسها كأس العالم—قادرة على إعادة تشكيل ملامح دولة بأكملها، ودفعها نحو مسارات جديدة في البنية التحتية، والتنظيم، والاستثمار.
 
وموازاةً مع هذا البعد الاستراتيجي، ستغوص العروض العلمية في أحدث أساليب التدريب، وعلوم الأداء في البيئات المناخية القاسية، ومتطلبات المنافسة العالية، إلى جانب الدور المتنامي لـ التهيئة الذهنية والنفسية  التي أصبحت اليوم ركناً ثابتاً في صناعة البطل الرياضي.
 
ولن يغب البعد الإنساني عن المشهد. فسيتناول خبراء النفس الرياضي أثر العقل في توجيه مسار الرياضيين، خاصة عند لحظات الشك والضغط، حيث يصبح التوازن النفسي شرطاً حقيقياً للانتصار، لا يقل وزناً عن اللياقة البدنية أو المهارة التقنية.
 
ومنحت كذلك اللجنة المنظمة مساحة واسعة للرياضة النسائية، باعتبارها ملفاً صاعداً في القارة.
حيث سيتم  مناقشة الاختلافات الفسيولوجية، وأثر الدورة الشهرية على الأداء، وخصوصيات التدريب عند اللاعبات، إضافة إلى التحديات الاجتماعية التي ما تزال تحيط بالرياضة النسائية وتحدّ من فرصها في الظهور والاحتراف.
أما الورشات التطبيقية، فقد جاءت لتجسّد روح المؤتمر: ربط العلم بالممارسة الميدانية. تحليل القدرات البدنية، قراءة البيانات التقنية، اعتماد أدوات تقييم حديثة… كلها مسارات جديدة تُمهّد لنهضة تدريبية إفريقية أكثر مهنية ودقة.
 
وسيستأثر محور الحكامة الرياضية بنقاش واسع. كيف يمكن تعزيز الشفافية داخل الجامعات والاتحادات الريلضية؟ 
كيف نحمي الرياضيين الشباب من الهشاشة والاستغلال؟ 
وكيف نحوّل الرياضة إلى قطاع اقتصادي مُهيكل يخلق الثروة ويوفّر فرص العمل؟
أسئلة طرحت بقوة، وإجاباتها تتجه نحو : إدارة الرياضة لم تعد ترفاً، بل خياراً استراتيجياً لدول تبحث عن الإشعاع والتنمية.
 
وسبختُتم المؤتمر بالإعلان عن التوصيات وتسليم جوائز للباحثين الشباب، في رسالة مفادها أن إفريقيا قادرة على صناعة مستقبلها الرياضي إذا استثمرت في التكوين والبحث العلمي ونماذج الحكامة الحديثة.
 
هكذا، يثبت المغرب مرة أخرى أنه حلقة مركزية في مسار الطب الرياضي الإفريقي، وأن القارة تمتلك طاقات هائلة، جاهزة لتتقدم، متى توفّرت الرؤية، والعلم، والإرادة.