محمد رشيد المحفوظي: انهيار المباني لا يقتصر على فاس ولابد من تشديد عمليات المراقبة

محمد رشيد المحفوظي: انهيار المباني لا يقتصر على فاس ولابد من تشديد عمليات المراقبة محمد رشيد المحفوظي، مهندس معماري بالقطاع العام بوجدة
يرى محمد رشيد المحفوظي، مهندس معماري بالقطاع العام بوجدة أن الانهيارات التي وقعت بفاس تعود الى عدم احترام معايير ومواصفات البناء وعدم خضوع أشغال البناء للمراقبة القبلية، محملا المهندس المعماري مسؤولية مراقبة أشغال البناء الى جانب باقي الجهات المكلفة بالمراقبة، كما لم يفته أيضا التحذير من وقوع فواجع في مناطق أخرى مستقبلا مثل إقليم الحوز بسبب عدم احترام قوانين وضوابط البناء وعدم التقيد بمعايير السلامة التي تضبطها قوانين التعمير، داعيا الى تشديد عمليات المراقبة من طرف مختلف الجهات المتدخلة في مجال التعمير.
 
كيف تقرأ الانهيارات المتكررة لبنايات بمدينة فاس، وما هي الأسباب التي تقف وراء ذلك في نظرك ؟
الانهيارات لا تقع بالضرورة بمدينة فاس، بل تسجل بالعديد من المدن، وحسب تعليقات المواطنين فإن الحي الذي وقع فيه الحادث يقع في منطقة جديدة وهي منطقة شملتها عملية إعادة إسكان لساكنة كانت تقطن في دواوير صفيحية، بمعنى أنه تم نقل السكان الى مكان مهيكل مع منحهم بقعا أرضية . بالنسبة لتوزيع البقع الأرضية فيتم مصحوبا إما بمساعدة هندسية بمنح السكان تصاميم من أجل البناء وضعها مهندسون كمساهمة من طرف الدولة، وإما يتم منحهم البقع مع تحميلهم مسؤولية الحصول على تصاميم من المهندسين تحترم القوانين المعمارية التي تهيكل المنطقة المعنية، مثلا عدد الطوابق، عرض الطريق..وحاليا يجري الحديث على أن هناك من قام ببناء مباني من طابق واحد وآخرون منازل بطابقين أو أربعة طوابق، مما يعني أن البناء بهذا الحي تم بطريقة عشوائية، علما أن البناء وفقا للتصميم يفترض مراقبة المهندس المعماري، ومراقبة السلطات العمومية التي تضبط قوانين التعمير وقوانين البناء وقوانين التهيئة، مع ضرورة الإشارة الى أن المراقبة لا تقتصر على القوانين والتصاميم بل تشمل أيضا مراقبة الأشغال، وهو أمر مفروض على المهندس المعماري الذي وضع التصاميم، ولذلك فالمسؤولية القانونية تشمل المهندس المعماري، ولا يمكنه أن يتذرع بكونه لم يتلقى تعويضا ماديا يخص متابعة الأشغال، وللتوضيح فمثلا خلطة Beton لها معايير بما في ذلك الخلطة المتعلقة بالسواري، وهذه المعايير يحددها مكتب الدراسات، كما أن مادة الحديد المخصص للبناء فيها أصناف وكل صنف له مكان مخصص أثناء عملية البناء من أجل مقاومة الاهتزازات والأثقال والجر..وأول عملية تتم قبل البناء هي الحفر بحضور الطوبوغراف الذي يرسم حدود البقعة المخصصة للبناء، بعدها يتم الشروع في الحفر الى غاية الوصول الى الأرض الصلبة، ولكن في الأصل لابد من دراسة جيوتقنية يقوم بها المختبر، وهذا الأخير يحدد عمق عملية الحفر قبل الوصول الى الأرض الصلبة ، ثم يأتي مكتب الدراسات من أجل الموافقة على الأرض الصلبة ويحرر محضرا بذلك يتم ضمه الى الكناش المتعلق بالورش ، قبل إعطاء تعليماته بالشروع في إعداد القضبان الحديدية اللازمة للبناء ثم تعرض من جديد على مكتب الدراسات للتأكد من مدى تطابق صنف مادة الحديدة المخصصة للبناء مع الصنف المحدد في الدراسة ثم يعطي موافقته على الشروع في إلصاق Beton بعد تحليل الخلطة الخاصة به (حجم الإسمنت والرمل والماء )، وعند وضع الاسمنت المسلح في الموقع السفلي بإمكانه بعدها الشروع في تغطية موقع البناء..
 
يعني أن هناك مسؤولية مشتركة في حالة وقوع انهيار لبنايات ؟
صحيح هناك مسؤولية مشتركة بدءا بمكتب الدراسات والمقاول، وهناك مسؤولية كبيرة للمهندس المعماري المسؤول على أشغال البناء، فبدون تأشيرة المهندس على كل تصميم بكونه " صالح للتنفيذ " لا يمكن إكمال أشغال البناء..
 
وماهو الحل في نظرك لتفادي وقوع فواجع من هذا النوع مستقبلا ؟
الحل يكمن أساسا في المراقبة القبلية..المراقبة القبلية غير موجودة وسأقول لك لماذا ؟ مثلا مهندس معماري في الدار البيضاء وتم تكليفه بوضع تصاميم لتجزئة تضم 500 بقعة، مع العلم أن هذا المهندس يشتغل لوحده تقريبا ( يشتغل رفقة كاتبة ورسام ) أي أنه لا يتوفر على فريق متكامل لأسباب كثيرة، فهناك من يرفض فكرة التشغيل، وهناك من يفضل العمل لوحده..الخ فكيف يعقل أن ينجح المهندس في وضع تصاميم 500 بقعة في الدار البيضاء مع العلم أنه له مشروع آخر في سطات ومشروع ثالث في الجديدة..في غياب موارد بشرية تدعم عمله كمهندس، مع العلم أن القانون 12.62 يتضمن إجراءات زجرية في حق كل مهندس أو كل شخص تورط في مخالفات تتعلق بالتعمير..
 
هذا يعني أننا لا نعاني من فراغ قانوني بقدر ما نحن بحاجة ماسة الى تفعيل القوانين ؟
قوانين التعمير صارمة في هذا المجال، ولكن تفعيلها من قبل الهيئات المسؤولة وعبر الموارد البشرية سواء تعلق الأمر بالمهندس المعماري أو القائمين بالمراقبة بالمصالح العمومية يعاني من خلل كبير..ونحن في نهاية المطاف نجني ثمار اللامبالاة و اللامعقولية في المراقبة من خلال ما وقع بفاس، وربما سيتكرر هذا الأمر بالحوز مستقبلا في غياب مراقبة ومتابعة أشغال البناء، حيث يتم البناء في غياب المراقبة في الوقت الذي يجري فيه الحديث عن كون هذا البناء مقاوم للزلازل..وهذا كله مجرد أكاذيب ( يضحك..) مما يعني أننا سنعاين فواجع أخرى في مدن أخرى مستقبلا .