تطوان: مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوث العقدية يفتح جسور التواصل عبر ورشة تطبيقية في ترجمة المصطلحات الدينية والعقدية

 تطوان: مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوث العقدية يفتح جسور التواصل عبر ورشة تطبيقية في ترجمة المصطلحات الدينية والعقدية د. جمال علال البختي ود. عبد الإله كافا ( يسارا)

نظّم مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوث العقدية التابع للرابطة المحمدية للعلماء، ورشة تكوينية في موضوع: "مدخل إلى ترجمة المصطلحات الدينية والعقدية: نظريات وتطبيقات"، أطرها الدكتور عبد الإله كافا، باحث مؤهل بالمركز.

وقد التأمت هذه الورشة بمقر المركز يوم الأربعاء 3 دجنبر 2025، بحضور منسق وأعضاء نادي اللغات والتواصل الحضاري، والطلبة والطالبات من سلكي الإجازة والماستر بكلية أصول الدين بتطوان.

افتتح أشغال الورشة الدكتور جمال علال البختي، رئيس المركز، مؤكدا في كلمته الافتتاحية أن أبواب المركز مفتوحة أمام طموحات الطلبة والطالبات، مشيرا إلى أن من بين أهداف المركز تعزيز التعاون مع طلبة الكلية، لاسيما المتمكنين من اللغات الأجنبية، بهدف العمل على المشاريع العلمية التي يشتغل عليها المركز.

وأوضح أن موضوع الورشة يكتسي أهمية خاصة لاعتبارات متعددة، وأضاف أن أهميته تتجلى في إبراز الإشكاليات المطروحة في الترجمة، ودورها في نقل الثقافات والحضارات، مستشهدا بعدة أمثلة.

وانطلاقا من ذلك، اعتبر الدكتور البختي أن الترجمة عملية أساسية وهامة في تحقيق جسور التواصل بين الشعوب والثقافات والحضارات الإنسانية، مبرزا أن الترجمة أصبحت اليوم علما قائما بذاته، مما يجعل الاطلاع على المناهج والنظريات لهذا العلم من الأمور الضرورية (وفق تعبيره)، خاصة في سياق الاشتغال على ترجمة النصوص والمصطلحات الدينية والعقدية. ولهذا شدد على ضرورة الإلمام بالقواعد والضوابط العلمية في هذا المجال، قصد إنجاز ترجمات علمية دقيقة للتراث الإسلامي الواسع.

ومن جانبه، أبرز مؤطر الورشة الدكتور عبد الإله كافا أن الترجمة عملية تأويلية مركبة تقوم على نوع من التفاوض الثقافي والحضاري، ينهض فيها المترجم بدور الوسيط بين منظومتين فكريتين وقيميتين مختلفتين، مشيرا إلى أهمية الترجمة عموما، وترجمة المصطلحات الدينية والعقدية خصوصا، مبينا حجم التحديات التي تعترض المترجم.

ولمواجهة التحديات في الترجمة، لا سيما في ترجمة المصطلحات الدينية والعقدية، اقترح الدكتور كافا على المشاركين مناقشة نموذجين نظريين في حقل الترجمة: نموذج بيتر نيومارك ونموذج لورنس فينوتي، مع تقديم تطبيقات عملية على مجموعة من المصطلحات الإسلامية، مثل: الزكاة والحج والصيام وغيرها.

وأوضح مؤطر الورشة أن بيتر نيومارك يقدم تصنيفا شاملا لطرق الترجمة وأنواع النصوص، معتبرا أن اختيار الطريقة الأنسب يظل رهينا بطبيعة النص الأصلي وأهدافه. في حين يقوم نموذج لورنس فينوتي على ثنائية استراتيجية بين التغريب (الذي يقوم على الحفاظ على غرابة النص الأصلي وتحدي القارئ) والتدجين (تكييف النص ليصبح مألوفا)، موضحا أن فينوتي يحذر من التدجين المفرط، ذلك أن التدجين – وفق تعبيره – يطمس الهوية الثقافية والدينية للنص، بينما يتيح التغريب المتوازن الحفاظ على السياق الأصلي ويغني تجربة القارئ.

 

ومن خلال تبسيط هذين النموذجين من قبل مؤطر الورشة، تمكن المشاركون في الورشة من استيعاب كيف يمكن للنص – وخاصة النص الديني – أن يفقد معناه عند اعتماد الترجمة الحرفية أو الإفراط في تدجين المصطلحات. وعلى هذا الأساس، أكد الدكتور كافا على أهمية المزج المنهجي بين التغريب لضمان نقل الخصوصية الدينية، والتدجين لتحقيق الفهم المحلي دون فقدان الهوية الأصلية.

وقد اختتمت أشغال هذه الورشة بإنجاز تمرينين تطبيقيين اشتغل المشاركون عليهما لمناقشة الإشكال المتعلق بصعوبة إيجاد مقابل دقيق للمصطلح الديني في اللغة الهدف، مع السعي إلى ابتكار الحلول الممكنة، فضلا عن تطوير مهارة النقد في مجال الترجمة.

ومما يلفت الانتباه أن هذه الورشة فتحت مجالا واسعا للنقاش والحوار والتفاعل، حيث أبدى المشاركون رغبتهم الواضحة في تكرارها، خاصة وأن وحدة ترجمة المصطلح الديني بكلية أصول الدين من الوحدات الأساسية في العديد من المسالك بالكلية.

إلياس التاغي، منسق نادي اللغات والتواصل الحضاري بكلية أصول الدين/ بتطوان