عريضة لأساتذة جامعات في الجزائر تدعو لرفع الحظر عن مناقشة أطروحة دكتوراة حول “الحركات الاجتماعية في منطقة القبائل

عريضة لأساتذة جامعات في الجزائر تدعو لرفع الحظر عن مناقشة أطروحة دكتوراة حول “الحركات الاجتماعية في منطقة القبائل يطالب الموقعون بـ”إلغاء مداولة المجلس العلمي للجامعة” التي اعتبروها غير مختصة قانوناً

أطلق عدد من الجامعيين في الجزائر، عريضة تضامن تدعو إلى رفع الحظر عن مناقشة أطروحة الدكتوراة للباحث سمير لرابي، المسجّل في قسم علم الاجتماع بجامعة عبد الرحمن ميرة في بجاية شرقي الجزائر، والتي تتناول في جزء منها تفكيك خطاب الانفصاليين في مطقة القبائل.  

 

واستنكرت العريضة ما وصفته بـ”العرقلة المتكرّرة” التي يواجهها منذ 29 شهراً بسبب رفض الإدارة الجامعية السماح له بالمناقشة. وتشير إلى أنّ أطروحة الباحث تمّت المصادقة على قابليتها للمناقشة من طرف المشرفة العلمية، كما أكّدتها الهيئات العلمية لكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية في ثلاث مناسبات. ورغم مصادقة المجلس العلمي للكلية على التعديلات التي فرضتها الإدارة، إلا أنّ الأخيرة ما تزال ـ بحسب نص العريضة- ترفض السماح بالمناقشة.

 

وتعتبر العريضة هذا الوضع “انتهاكاً واضحاً” للنصوص التنظيمية التي تمنح الهيئات العلمية المختصة، على مستوى القسم والكلية، صلاحية البت في أهلية الأطروحات للمناقشة. كما تحذّر من “سابقة خطيرة” قد تمسّ بالأخلاقيات الجامعية والحريات الأكاديمية والمعايير العلمية في مجال البحث.

 

ويطالب الموقعون بـ”إلغاء مداولة المجلس العلمي للجامعة” التي اعتبروها غير مختصة قانوناً، وبـ”احترام صلاحيات الهيئات العلمية” و”رفع القيد فوراً” وتمكين الطالب من مناقشة أطروحته. كما تدعو العريضة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي إلى التدخل “بحزم” لضمان احترام الحريات الأكاديمية التي يكفلها الدستور والتنظيمات المعمول بها.

ويؤكد الموقعون أنّ دعمهم للباحث سمير لرابي يندرج ضمن حرصهم على أن تبقى الجامعة الجزائرية فضاءً للنقاش والإبداع والبحث العلمي، بعيداً عن أي تدخلات أو تأثيرات لا ترتبط بالإطار الأكاديمي.

 

ومن بين أبرز الموقّعين أساتذة معروفون في الوسط الجامعي الجزائري والدولي، من بينهم لهواري عدي، أستاذ الجامعات بليون في فرنسا، وعبد الرزاق عادل، الجامعي المتقاعد من قسنطينة، ورشيد أجاووت من جامعة بجاية، ورضوان بوجمعة أستاذ بجامعة الجزائر 3، إلى جانب أسماء أخرى بارزة مثل ناصر جابي، الباحث في علم الاجتماع السياسي، ودحو جربال المؤرخ المعروف.

 

وكان الباحث قد نشر وثيقة صادرة عن المجلس العلمي في بداية سنة 2024، تؤكد المصادقة على التعديلات المقترحة في مضمون الأطروحة، حيث تمت الموافقة على إعادة صياغة العنوان، ليتحوّل من عنوانه الأصلي: “الحركة البربرية في منطقة القبائل بين مطلب الاندماج والنزعات الانفصالية” إلى العنوان الجديد: “أشكال تنظيم الحركات الاجتماعية في منطقة القبائل”.

 

وفي تعليقه على هذه القضية، قال الصحافي محمد إيوانوغان إن الباحث سمير لرابي يُعدّ واحداً من الأسماء المعروفة باهتمامها بالشأن المتعلق بمنطقة القبائل، مشيراً إلى أنه كرّس جزءاً كبيراً من عمله لدحض الخطاب الانفصالي وتفكيك رواياته.

 

وأوضح أيوانوغان أن منع الباحث من مناقشة أطروحته يمثل، في نظره، شكلاً من أشكال “الظلم” التي يمارسها بعض البيروقراطيين في مختلف المستويات، معتبراً أن العقلية السائدة لدى جزء من الإدارة تقوم على التعامل مع المسؤول كـ”حاجز” يقف عنده المواطنون بأحلامهم وطموحاتهم، وهو ما يدفع ثمنه أولئك الذين يحترمون القانون، لا الذين يتجاوزونه.

 

ويرى المتحدث أن قرار المنع يعكس أيضاً “جهلاً بطبيعة النقاش العلمي وبحساسية الرهانات المطروحة”، لافتاً إلى أن مشروع حركة “الماك” الانفصالي، الذي يعتقد بعض المسؤولين أنهم يحاربونه عبر منع الأطروحة، “لا يملك أي حظ في التحقق”، وأن تأثيره الحقيقي يقتصر -كما قال- على زيادة الضغط على أبناء منطقة القبائل، في سياق تتقاطع فيه التوترات مع محاولات دفعهم للشعور بأنهم غرباء في وطنهم، على حد وصفه.

 

وتصنف الحركة من أجل استقلال منطقة القبائل في الجزائر كمنظمة إرهابية، وهي موجودة في الأساس خارج البلاد، حيث يتخذ زعيمها فرحات مهني من فرنسا منفى له. وتواجه الأطروحات التي تروج لها هذه المنظمة رفضا قويا في منطقة القبائل التي يغلب عليها اللسان الأمازيغي، وهو ما يظهر في مواقف شخصيات وأحزاب متجذرة في المنطقة إلى جانب المواطنين الذين عبروا في عدة مناسبات عن نبذهم لهذا المشروع ومن يقف وراءه.

عن موقع: القدس العربي